:46 |
كتب - محمد شعبان : سيظل يوم الجمعة 4 مايو عام 2007 تاريخا محفوراً في ذاكرة رجل الأعمال محمود الجمال، ففي ذلك اليوم فقط عبر الجمال المناطق المحظورة ووصل إلي المنطقة الدافئة والمحيطة بحصانة خاصة وشعر أنه يستطيع ان يمتلك مصر كلها ان اراد فهو الآن يمتلك أسلحة من العيار الثقيل يدمر من يشاء، ويزيح من طريقه متاريس الاستثمار التي وضعها رجال النظام السابق فهو أصبح في هذا اليوم فقط عضوا في نادي أصدقاء مبارك. ففي ذلك التاريخ عقد قران ابنته خديجة علي الوريث السابق جمال مبارك ابن جمال مبارك في حفل أسطوري أقامه الجمال علي نفقته الخاصة ووصلت تكلفته الي ما يقارب من 130 ألف دولار ولم ينفق جمال مليما واحدا، بل إن الجمال هو الذي تكفل أيضا بشراء الشبكه لابنته وكانت عبارة عن خاتم ألماظ وصل سعره إلي 20 ألف دولار ويومها فقط اقترب الجمال من الرئيس مبارك مباشرة وفتحت أمامه كل الأبواب المغلقة ويمتلك المصباح السحري الذي عبر به الحاجز الذي نقله من رجل أعمال عادي إلي أحد أكبر حيتان الاستثمار في مصر. فقبل أن يتزوج جمال خديجة كانت استثمارات الجمال عديدة، ولكنها لم تكن بالحجم الذي يؤهله إلي الدخول إلي مصاف كبار رجال الأعمال، فكان يملك شركة جلالة للتنمية السياحية ومقرها شارع شجرة الدر بالزمالك وتخصصت في إقامة وإنشاء القري السياحية ومن أبرز مشروعاتها قرية خليج العين في العين السخنة 122 كيلو متراً جنوب القاهرة وهي ثاني مشروعات الشركات بعد مشروع منتجع العين وأقيمت القرية علي مساحة 450 فداناً وبطول كيلو متراً واجهة علي مياه البحر الأحمر في عام 1987 أسس شركات "أيكات " للمشروعات والمعارض وهي شركة تصدير واستيراد تخصصت في مجال أنظمة الري ومعالجة مياه الشرب بعدها جاءت جلالة للتنمية السياحية. غير أن أبرز مشروعات الجمال كانت شراكته مع شهاب مظهر ابن الفنان أحمد مظهر وصهره في قرية "هاسيندا "التي تقع في الساحل الشمالي بعد مارينا بنحو أربعين كيلومتراً والتي دخل فيها شريكا رغم ان مظهر استولي علي الأرض المقامة عليها القرية من الأساس والتي كانت تصل إلي 7250 فداناً ووصل سعرها إلي ما يقارب من 8 مليارات جنيه قام ببيع جزء منها وأقام القرية علي الجزء الآخر. ولكن بعد اتمام الزواج تبدل حال الجمال وفتحت مغارة أراضي الدولة أمامه واقام مشروعات عديدة عليها وزادت استثماراته وتضخمت ثروته وان بقي خارج دائرة الحزب الوطني وأمانة السياسات رغم الضغوط التي مورست عليه إلا أنه أصر علي عدم الاقتراب من الوطني وأن بقي أحد الداعمين بقوة لملف التوريث من بعيد فهو يمول حملات دعم جمال مبارك دون أن يظهر في الصورة وهو ما يميزه الأن عن غيره من رجال الأعمال المنتمين للوطني والذين تحولوا إلي وجوه غير مستحبة. والحقيقه أن الجمال وجه غير معروف اعلاميا بشكل كبير فهو يخشي الصحافة مثل خوفه من الجنة والنار يحب ان يبقي في الظل دائما ولا يظهر علي سطح الأحداث حتي لو كان شريكا فاعلا فيه وقليل الظهور في المجتمعات العامة ويرفض دعوات أصدقائه من رجال الأعمال حتي أنه أثناء عقد قرآن ابنته جلس يتواري بجوار الرئيس وكان حريصا علي ألا يظهر في مقدمة الصورة وحده. اسمه في البطاقة الشخصية محمود يحيي الجمال مهندس معماري تخرج في كلية الهندسة جامعة القاهره، ولد في محافظة دمياط وهو ينتمي إلي أسرة الجمال الدمياطية العريقة وتتمتع أسرته بشهرة واسعه، وكان تلميذاً في مدرسة الجزويت الفرنسية ولم ينتم لأي حزب أو تيار أو جماعة طوال عمرة وعاش حياته كلها بعيداً عن صخب الخلافات والصراعات السياسية ورفض أن يعمل في الحكومة واختار منذ تخرجه العمل الحر، وكان يعتقد أن دخوله السياسة يؤثر علي استثماراته. وجد الجمال نفسه فجأه أمام مغارة علي بابا من الأراضي يغرف منها ما شاء فور اتمام زيجة ابنته من جمال مبارك والحقيقة أن الرجل لم يفوت الفرصة وسعي خلال الأربعة أعوام الماضية إلي التكويش علي مساحات كبيرة من الأراضي، بل إن اطماعه في زيادة رأس ماله زادت وبدأ في إقامة مشروعات ضخمة علي الأراضي التي نهبها حتي وإن كانت تلك المشروعات في خارج مجال المقاولات. وكانت أول هدايا الجمال هي أرض محجر الجيزة بمنطقة أبورواش والذي تصل مساحته إلي ما يقرب من 1700 فدان والذي أغلقته المحافظه تحديدا من أجل عيون صهر الرئيس الذي حصل عليها بتراب الفلوس، ويسعي لتحويلها إلي منتجع سياحي تحت مسمي الجيزة الجديدة ومن كرم الجمال أنه أجل مشروعه 5 سنوات إلي أن ينفد الحجر الجيري من المنطقة، ولكن المحافظة الملكية أصرت علي قرارها للمساهمة في حل مشكلة إسكان الصفوة باعتبار أن المنتجعات السياحية اهم مائة مرة من التصنيع ومن المحاجر ورغبة الجمال تفوق أي مصلحة وطنية خاصة أنه كان ينوي إنشاء المشروع علي مساحة 500 فدان، ولكن بعد موقف محافظة الجيزة المساند له قرر زيادة الطاقة الاستيعابية للمشروع لتصل إلي 1500 فدان ولا مانع من الزياده بعد ذلك. واستغل محمود الجمال نجاح قريته التي بناها في العين السخنة مع شهاب مظهر وقام بوضع يده علي القرية المجاورة لها قرية مجاورة لها واشتري بيوتها برخص التراب فمن يرفض طلبا لصهر الرئيس، ومن يستطع الوقوف في وجهه ومعارضته، ولم يكتف الجمال بذلك ولكنه قام بالاستيلاء علي أرض بالقرب من سيدي عبدالرحمن وضع عليها لافتة كبيرة باسم قرية هاسيندا بيه أو خليج هاسيندا فيما بعد، ولكن الجمال رفض البناء علي الأرض، وقام بتركها ليقوم بتسقيعها وبيعها خاصة أن سعر المتر فيها وصل الآن إلي 50 ألف جنيه، رغم أنه لم يدفع مليما فيها. وزادت العطايا لصهر الرئيس وتم تخصيص مساحات شاسعة من الأراضي في أماكن سياحية وحيوية بأسعار بخسة مثل تخصيص قطعة أرض مساحتها 6 ملايين متر في شرم الشيخ بالمخالفة للقانون، حيث إن سعر المتر في هذه المنطقة يتجاوز 10 دولارات فيما خصّصها زهير جرانة وزير السياحة السابق بمبلغ دولار واحد للمتر ولم يكتفِ بذلك، بل منحة فرصة تسديد10٪ فقط من قيمة الأرض علي أن يقسّط الباقي علي دفعات، وهو ما يخالف قرار رئيس الوزراء بعدم بيع الأراضي أو تخصيصها في مدينتي الغردقة وشرم الشيخ تحديدا. وهجم الجمال علي أراضي الطريق الصحراوي ولم يتركها في حالها، حيث اشتري أربعة آلاف فدان في الكيلو 52 واثنين وعشرين ألف فدان في الكيلو 62 وألفي فدان خلف مطار غرب القاهرة وأربعة آلاف فدان في الجيزة الجديدة بقيمة500 ألف جنيه رغم ان قيمتها السوقية الحالية تصل إلي 14 مليار جنيه مصري، وكل ذلك بمساعدة وزيري الزراعة أمين أباظة والإسكان أحمد المغربي. كما حصل محمود الجمال علي 3000 فدان أخري بالقرب من الكيلو 70 ومن موقع المدينة المليونية المزمع إنشاؤها كعاصمة لمحافظ أكتوبر بخلاف شركة العزيزية التي تصل مساحتها إلي 22 ألف فدان ورئيسها أشرف صبري ويملك محمود الجمال النصيب الأخير في أسهمها. كما أن صهر الجمال دخل معه في شراكة جديدة وأنشأوا شركة فيردي الواقعة بالكيلو 57 ومساحتها تزيد علي خمسة آلاف فدان وتحولت جميعها لفيلات وقصور ساكنيها من أصحاب المراكز العليا فقط من الساسة ورجال الأعمال والقضاة ورجال الجيش والشرطة. ولم يكتف الجمال بما حصل عليه من أراض ولكنه راح يزاحم إبراهيم كامل رجل الأعمال وعضو لجنة السياسات علي أرض الضبعة وإن كان الصراع علي الأرض لم يطف علي السطح فقد حرص الجمال علي أن يبقي صراعه علي الأرض خفيا وقاد حملة لاختيار مقر بديل لمنطقة الضبعة التي خضعت لدراسات منذ الثمانينات بلغت تكلفتها ملايين الجنيهات وتحمل الجمال جانباً كبيراً من نفقات دراسات الجدوي التي أجريت عليه، وهو ما كان مثار تحفظ من قبل وزير الكهرباء المهندس حسن يونس والذي فضل الضبعة ونصره الرئيس السابق مبارك. حتي بعد أن شعر الجمال باستحالة الحصول علي الأرض راح يحاصر المشروع من كل جانب وقام بشراء معظم الأراضي المحيطة به بالشراكة مع إبراهيم كامل بعد أن فشلا في نقل المشروع النووي إلي جنوب مصر لاستغلال موقع المفاعل النووي في إقامة قري سياحية امتدادا لمشروعاتهما الموجودة بطول الساحل الشمالي، وبذلك يكون من حقهما بعد ذلك الحصول علي الأرض المحيطة بالمفاعل النووي بأن يطالبوا بنقل موقع الضبعة النووي إلي مكان آخر للضرر سواء كان بشكل ودي أو عن طريق القضاء. وبعدما شعر الجمال بالشبع من نهب الأراضي راح يؤمن ما حصل عليه بأن ساهم في دعم حملات توريث الحكم لجمال مبارك ظنا منه ان ذلك سيحميه ويمنع اي شخص من الاقتراب من امواله ومشروعاته وأنفق بسخاء علي حملات دعم جمال مبارك واختار كعادته ألا يظهر بشكل مباشر في الصورة واكتفي بصرف الأموال علي زوج ابنته. ولم يكتف الجمال بذلك بل إنه استغل قربه من الرئيس السابق مبارك وراح يضغط علي وزراء الحكومة لتنفيذ مطالبه الشخصية وتقديم طلبات بتخصيص الأراضي له. باختصار الجمال حول استثماراته بعد زيجة ابنته إلي مملكة كبيرة يعيش علي عرشها، ولكنه الآن يشعر بالخوف بعد أن تسربت أنباء عن منعه من السفر وتجميد امواله في الخارج وعدم نقل أي أموال إلي خارج مصر إلا بعد انتهاء التحقيقات التي تجري الآن مع عشرات من رجال الأعمال. |
محمود الجمال.. نهب الأراضي في حماية النظام
0 التعليقات