مظمنا انحاز للمقدس، لأنه كان رجلا محبوبا، كما أن اسمه سهلا ..... بالنسبة لي كان هناك سبب آخر لتفضيل الاسم القبطي؛ هو أن ابن المقدس كان صديقا شخصيا مفضلا، علي الرغم من أنه كان يصغرني بعامين أو ثلاثة، وكان يتمتع بخلق عظيم، وازداد تعلقي به بعد وفاة والده المقدس الطيب، فساعدته في ترتيب مقاعد المعزين، واستمر وقوفي الي جواره حتي المساء، عندما جاء القسيس ليعطي العظة من خلال مكبر الصوت، وكان دوري هو توزيع الماء المغمور بقطع الثلج علي المعزين، ليطفئ نيران الصيف الملتهب ـ بالمناسبة كان الناس يقولون نفس الكلام المكرر في سبعينيات القرن العشرين: ده حر محصلش، ده احنا قربنا من جو السودان الشقيق ( الآن تم تغيير هذه الجملة بعبارة: احنا قربنا من جو الخليج الشقيق )، أو أول مرة نشوف الجو ده .. ده مفيش نفس..الرطوبة عالية قوي.. إيه الخنقة دي !
مد ايدك
المهم أنني تعاطفا مع صديقي قررت أن أكون إيجابيا، وكتبت علي جدران المنازل ـ شوية منها ـ شارع .... والد صديقي، مما حرك الشيخ وطلب رأي جهات رسمية؛ فهو يؤكد أنه صاحب حق وأنه أقدم من استوطن الشارع، ولكن جاء الرد الرسمي القانوني يحمل اسماً ثالثاً ـ لا هذا ولا ذاك ـ وامتثلنا لكتابة الاسم الجديد رغم ما به من صعوبة اخترعتها البيروقراطية.
قطتي
وذات مساء خرج الشيخ الوقور مهرولا، بين جيئة وذهاب، ولما استطلعنا الأمر، عرفنا أنه يبحث عن قطة صغيرة، أنجبتها قطته الكبيرة.. كان الشيخ لا يتردد في طرق الأبواب بحثا عن ذلك المخلوق المدلل دون جدوي.
بعد كر وفر، ووسط تعاطف منا ورغبة في تذوق " الحلاوة " التي وعد الشيخ من يعثر علي قطته باغداقه الكثير منها... فجأة جاء صديقي ابن المقدس يحمل القطة الصغيرة، وفي يده الأخري قطارة يسقي القطة عن طريقها شرابا طهورا من اللبن الطاهر.
لحظة عناق
وفي مشهد يتحدي صناع السينما المسلوقة، فوجئنا بالشيخ يحتضن الصبي ابن المقدس... فاضت أعيننا من الدمع... هذا هو الدرس المصري الذي يجب أن يستوعبه اللاعبون في الماء العكر !
كل سنة ومصر بخير.. بمسلميها وأقباطها.. وعيد ميلاد مجيد وسعيد.
سعيد باختياركم لقصتي: عناق الشيخ والمقدس،وهي عن تجربة ذاتية للمؤلف طاهر البهي، وأخصكم بخبر صدور مجموعتي القصصية الجديدة: باقة ورد يضيئها القمر عن دار نشر دار العلوم، وتضم القصة المنشورة على هذه الصفحة.. شكرا للشاعرة فاطمة الزهراء ان اتاحت لي هذه الاطلالةعلى اشقائي شعب المنصورة وقراء هذا الموقع المتميز..وإلى لقاء.. طاهر البهي