كنت أتابع عملية اختيار البابا الجديد والقرعة الهيكلية وأنا ادعو الله أن يرزق مصر من يستطيع قيادة الكنيسة في المرحلة القادمة ! أنا لا أدعي أنني أعرف المرشحين بأكثر مما كان يذاع أو ينشر عنهم في الفضائيات أو الصحف أو علي الشبكة العنكبوتية ! ولكنني كنت أتمني أن يكون البابا الجديد ممن يحملون هدفا جميلا للاهتمام بالجانب الروحي أكثر من اهتمامه بالجانب السياسي ! وأن يترك الحرية للمسيحيين لممارسة السياسة كيفما شاءوا ! .
كنت أتمني أن يأتي البابا الجديد ليعلن أن حرية ممارسة السياسة حق مشروع لكل مسيحي علي أرض مصر ! ليرشح نفسه علي كل المستويات وفي كل المجالات ! أما عن النجاح والفشل فالكل فيه سواء ولا فرق بين مسلم أو مسيحي ! فالنجاح يكون لشخص واحد أو لمجموعة محددة ولا يكون لكل المرشحين ! فالانتخابات تتيح للمرشح أن يتحدث مع الناخبين في كل مكان في دائرته أو في نقابته أو في نشاطه ، والحديث وحده يزيل معظم أشكال الاحتقان !.
فأنا و الشعب المصري كله كنا نشاهد القداس وحديث قائمقام البابا ! فيألف الشعب هذه الأحاديث وهذه الصلوات مما يجعل الجميع يعرف الجميع! فالمعرفة تجعلك أكثر جرأة وأقل خوفا من الآخر! .
ومازاد من سعادتي حديث الشخصيات العامة بعد إعلان نتيجة القرعة وفوز الأنبا تاوضروس بالمنصب الجليل فقد صرحوا وتمنوا جميعا بل وطالبوا بكل ما كنت أتمناه شخصيا بيني وبين نفسي منذ عهد بعيد ! لذلك أشعر أن نجاح البابا الجديد يوم فارق في الحياة المصرية .
فقد بدأت ثورة يناير تؤتي ثمارها علي جميع المستويات ! .
* فعلي المستوي الشعبي كان الاستفتاء علي التعديلات الدستورية عقب الثورة مباشرة مؤشرا علي مدي وقوة تأثير التيار الديني في قيادة الشارع المصري وتوجيهه ! وهو التيار العائد لممارسة السياسة من أوسع أبوابها بعد حظر طويل فكانت نتيجة الاستفتاء مؤشرا علي استعداد هذا التيار للانتخابات البرلمانية كما كانت مؤشراً علي توقع حصوله علي نسبة كبيرة من المقاعد بالمجلسين.
** ثم كانت انتخابات مجلسي الشعب والشوري ليحقق هذا التيار أكثرية في المجلسين ولكنها لم تكن بنفس نسبة الاستفتاء بل كانت أقل نسبة ! لتعطي دلالة واضحة علي بدء تحرر الناخب المصري من الانصياع التام لهذا التيار!.
*** ثم جاءت انتخابات الرئاسة لتظهر تطورا إيجابيا في وعي الناخب المصري رغم تدخل بعض العوامل التي أثرت في الانتخابات الرئاسية لتتم الإعادة بين تيارين!
الأول تيار الثورة والتغيير وانضم لهذا التيار معظم التيار الديني وليس كله ! وتيار شباب الثورة من أجل التغيير! وكل من يكره النظام السابق ورجاله ! انضم لهذا التيار من يريد التغيير حتي لو كان يكره التيار الديني ! رغبة منه في التجديد والتغيير وخوفا من عودة النظام السابق حال نجاح المرشح الثاني!.
الثاني تيار علي الولاء الكامل للنظام السابق ! وانضم لهذا التيار جميع أعضاء الحزب الوطني المنحل ، وكل اليساريين، وكل كاره للتيار الديني ، وجميع المسيحيين خوفا من صعود التيار الديني المتشدد وتصريحاته التي ترهب المسلمين أنفسهم قبل المسيحيين ! وأصبح هذا التيار هو المناويء للتيار الأول واحتدم الصراع !.
وجاءت النتيجة بنجاح مرشح التيار الأول ليقود مصر نحو التغيير الفعلي ! فلو نجح المرشح الآخر ما فضح أي تجاوز أوفساد في عهد النظام السابق لأنه كان جزءا من النظام نفسه !.
والآن وبعد نجاح مرسي فقد استطاع أن يجعل نظام الحكم مدنيا بعد أن استمر عسكريا لمدة ستين عاما ! ليحقق أول مكاسب الثورة الحقيقية بعد انتخابات رئاسية حرة ونزيهة شهد بها العالم كله !.
ثم جاءات انتخابات حزب الحرية والعدالة – الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين – لتبرز وجود الرأي والرأي الآخر لتكون مؤشرا علي تطور العمل السياسي بالحزب والجماعة ولتكون نسبة الثلث والثلين هي النتيجة لتكون مؤشرا واضحا علي أن تيار التحرر من سطوة الجماعة بدأ في الظهور علنا بعد هذه النتيجة ليعطي مؤشرا إيجابيا لتطور إيجابي عميق في المرحلة القادمة!.
ثم كانت انتخابات البابا الجديد والتي أفرزت أعلي ثلاثة أصوات بين ثلاثة مرشحين متفاوتين في العمر فجاءت القرعة الهيكلية لتعلن اختيار الله لهذا البابا ليكون مؤشرا إيجابيا علي تطور إيجابي داخل الكنيسة المصرية ، وهي الكنيسة الأم للمذهب الأرثوذكسي علي مستوي العالم لتعطي المسيحيين حريتهم في ممارسة السياسة ليشعر كل مسيحي أنه مواطن مصري له كامل الحقوق وعليه كافة الإلتزامات قولا وفعلا وليس كلاما علي ورق!.
* إن أهمية الانتخابات في مصر – الانتخابات النزيهة فقط – أنها تثري الحياة المصرية سواء كانت علي مستوي الدولة مثل الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية أو الكنسية .
** لقد عاد لمصر شبابها بعد انتخاب رئيس جمهورية وبابا جديد في نفس العمر تقريبا! فالدول تتقدم وتنهض بالرجال الذين يجمعون بين فكروحماس الشباب وحكمة ورزانة الكهول! وستنهض مصر إن شاء الله بهؤلاء الرجال في كل مكان علي أرض مصر في قصر الرئاسة أو في الكاتدرائية !.
مبروك لمصر الأنبا تاوضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية .
0 التعليقات