كانت كطفل وديع
يشرب الحليب
وينام علي حكاية جدته
تتدلي من قميصه
خيوط فجر وليد
فيضحك ويسافر مع الملائكة
ويحتضن السنابل في الحقول
فتلثم الفراشات شعره
يقفز خلفها
ويسبح في خيالاته البعيدة
وفي الصباح يسرقوه من الحلم
بعد ما سلطوا عليه ضجيج أبواقهم
لكنه اليوم تأخر عن موعده
سألت عنه الأم في لهفة
قالوا لها لن يعود
وحملوا إليها الحقيبة
كقميص يوسف
محملة بالألوان والكتب
ونجمة مرسومة
كانت تحمله إليها في المساء
و اليوم قرر أن يذهب إليها
ولن يعود سيزف هذا المساء
ويشاركه خمسون طفلا
يالهول القدر رفقا بنا
أيتها السماء
وفي الأرض
وجدا دمه مختلطا بالتراب
ومعلمته تذرف نهرا من الدمعات
والوطن يضيف آهة جديدة
وجرحا بحجم كل المساحات
أما أنا أغسل يدي من دماء الحب
وفيض الشعر الأخضر
وأجفف من حلقي المشاعر الناعمة
واستبدلها بقسوة الكلمات
وأفصل روحي من ربيع الحياة
وأجتث نخلة العشق من روحي
فلا بوح ولا عطر ولا قصيدة حب للوطن
فالذي مات قد مات
وما فات قد فات
فلا تلوموا إلاأنفسكم
والريح بعثرتكم شتات
ومن يجمع الفتات؟
والريح تلملم أصابعها وتصفعكم
وتبعثر الرفات
ونواح أمي يمزق السكات
وصراخ أختي لهيبه جمرات
والليل يتصبب نزيفا وعارا
فلترحل بالكوارث أجمل الضحكات
والخجل يمزق في التطاول الشرنقات
فتنتحر عرائس الجمال
وتتوه في الفلوات
فلا بئر يبل الريق
وجفون الربيع تذبل
حين صفعه الخريف ساخرا
بالأمر فلتسقط الثورات
فرحل الربيع يتواري يأسا
وضع أصابعه علي عينيه كالأطفال
يستجدي بكاء العابرين
وقوس قزح بعد المطر
يغني في الحزن موالا شهير
جميلتي تبكي برموش كانت كالنخيل
تئن في هودجها أرملة ثكلي
فضوا بكارتها في ليلة سوداء
تنصت لصوت النميمة
يقولون عنها قوادة وعاهرة
يتاجر بها الأبناء
لهفي عليك ياوطن
ماذا أقول عنك يا كامل الأوصاف
واليو تغرق سفينتك في عرض بحر عميق
وأصبحنا من كل شئ نخاف
0 التعليقات