محيط – سميرة سليمان
القاهرة : نظم الصحفيون العاملون بمؤسسات الصحف القومية المصرية اليوم وقفة ضد الفساد المهني والإداري والذي كانت أحدث شواهده التغطية المشوهة لثورة الشارع المصري .
وأعلن الصحفيون الذين احتشدوا بالعشرات أمام نقابتهم بوسط القاهرة، مطالبهم للحاكم العسكري والتي تشمل إجراءات وقائية لحماية المال العام وضمانة لمحاسبة القيادات الفاسدة، كما أعلنوا ذهابهم إلى ميدان التحرير الجمعة القادمة من أجل عرض مطالبهم والتأكيد عليها، مرددين "يوم الجمعة في التحرير، هنشيل رؤساء التحرير".
خلال الوقفة تم الإعلان عن تأسيس اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد وإصلاح الإعلام المصري والتي تنطلق الجمعة القادمة بحضور رموز المجتمع بينهم الإعلامي حمدي قنديل.
شارك في الوقفة صحفيون من مؤسسات "الأهرام" و"أخبار اليوم"، "دار الهلال"، "روز اليوسف" ، "وكالة أنباء الشرق الأوسط" ، "دار التحرير" ودار المعارف (مجلة أكتوبر).
ردد الصحفيون عدة هتافات ورفعوا لافتات تندد برؤساء تحرير ومجالس إدارات الصحف القومية، ومن أبرز ما رددوه "يا جماعة قولوا الحق دول حرامية ولا لأ"، "النهاردة عهدي فضلي .. وبكرة بتوع حبيب العادلي" والشعار الأخير يتزامن مع تحقيقات النيابة مع عهدي فضلي رئيس مجلس إدارة مؤسسة "أخبار اليوم" السابق بتهم فساد مالي.
ومن بين الهتافات التي رددها الصحفيون : "الشعب يريد إسقاط النفاق"، " من سرايا للدقاق .. دول أبطال النفاق" في إشارة لرؤساء تحرير صحيفة "الأهرام" ومجلة "أكتوبر" أسامة سرايا ومجدي الدقاق.
كما أعلن المتظاهرون موقفهم القاضي ببطلان شرعية كل من رؤساء تحرير الصحف القومية: الأهرام، الأخبار، الجمهورية، روز اليوسف، المصور، أكتوبر، وكالة أنباء الشرق الأوسط، منددين بما وصفوه بنفاق هؤلاء وتحولهم من دعم النظام السابق إلى مناصرة ثورة 25 يناير، حيث ردد الصحفيون "قلبوا وعملوا ثورجية، دول حرامية وضلالية".
في حديثه لـ"محيط" أشار رفعت حسن الزهري سكرتير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، ومدير مكتبها في فلسطين والسودان إلى أن مطلب إقالة رؤساء الصحف القومية طبيعي بعد أن تحولت تلك الصحف على أيديهم إلى صحف النظام والحزب الحاكم بدلاً أن تكون صوت الشعب.
فضلاً عن وقوفهم ضد ثورة 25 يناير منذ بدايتها، ووصفهم الثوار بالعمالة والخيانة في محاولة لتشويه صورتهم أمام الشارع المصري، مما حدا بالصحفيين الشرفاء اتخاذ وقفة جادة لإنهاء هذه المهزلة، وإعادة تنظيم الصحافة القومية لتصبح خادمة للشعب وليس لأي نظام حكم جديد.
يقول الزهري: سحبنا الثقة من رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد الله حسن عبد الفتاح، وقمنا بطرده من مقر الوكالة يوم السبت التالي لتنحي مبارك.
تعيين الفاسدين
حصل "محيط" على بيان مقدم إلى النائب العام من جمال عبد الرحيم الصحفي بجريدة "الجمهورية" الذي يعرض فيه للفساد المالي والإداري المستشري بجميع المؤسسات الصحفية القومية، وبالتحديد منذ تولي صفوت الشريف رئاسة مجلس الشورى والمجلس الأعلى للصحافة.
البيان يتهم الصحفي فيه صفوت الشريف بالتغاضي عمدا عن جرائم الاستيلاء على المال العام التي ارتكبها رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية، وكذلك رؤساء تحرير الصحف سواء السابقين أو الحاليين رغم تسلمه لتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات التي تؤكد الفساد.
ويطالب البيان بسرعة التحقيق مع صفوت الشريف وإحالته للمحاكمة بتهمة الاستيلاء على المال العام، وكذلك مع رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية السابقين والحاليين.
وقال مقدم البيان لـ"محيط" : أنا وزملائي المتظاهرين انتظرنا استقالة رؤساء التحرير بالصحف القومية فور تنحي مبارك عن الحكم، ولا يشترط أن تكون هناك جهة لتقديم الإستقالة إليه مثل مجلس الشورى أو المجلس الأعلى للصحافة، لأنه يكفي أحدهم نشر الخبر بالصفحة الأولى بجريدته لو أراد .
مضيفا أن القاريء انهارت أمامه مصداقية هذه الصحف، بل وصار يسخر منها، فقد كانت صحف النظام تدافع عنه و"تسجد له كل صباح" وها هي اليوم تنقلب عليه وتنتقده بعد أن سقط .
ويصف الصحفي جمال عبدالرحيم رئيس مجلس الشورى السابق صفوت الشريف بـ"مهندس الفساد" الذي بحسبه عين رؤساء الصحف نظير هدايا ومبالغ مالية، وقد تسببوا في إهدار ما لا يقل عن 4 مليار جنيه خلال السنوات السابقة.
وينتظر جمال عبدالرحيم وزملاؤه تشريعا جديدا ينظم عمل الصحافة في مصر، وإلغاء قانون 96 لسنة 1996 ، وتعديل قانون اختيار رؤساء التحرير بحيث يصبح وجودهم بالإنتخاب وليس التعيين، ولا تزيد مدة بقاء أحدهم إلا دورة واحدة قصيرة .
في حين أن القوانين الحالية تقضي بأن يضم مجلس إدارة المؤسسة الصحفية القومية 6 صحفيين معينين، و6 بالإنتخاب، ودائما ترجح كفة الأصوات بصوت رئيس مجلس الإدارة ، كما يشترط وجود 35 عضوا بالجمعية العمومية معظمهم بالتعيين، ولهذا يدعو البيان لتحويل النظام ليكون اختيار الأعضاء بالإنتخاب كما يحدث في مجلس نقابة الصحفيين.
روزا اليوسف
رحاب لؤي صحفية بجريدة "روزا اليوسف" بدت من المتحمسين لصنع اللافتات وقالت لـ"محيط" : أعمل منذ خمس سنوات بالصحيفة ورأيت كيف تحول رئيس التحرير عبدالله كمال من الدعم الشديد للحزب الوطني إلى جانب المعارضين له ، ما أفقد الصحيفة مصداقيتها وشعبيتها.
حتى أصبحت حسبما تقول تخجل من التصريح بإنتمائها للصحيفة خاصة ورئيس التحرير تجري تحقيقات معه بتهمة الكسب غير المشروع، وبعد أن كانت المجلة توزع 120 ألف نسخة أصبحت المخازن في قليوب متكدسة بالنسخ ، وهو ما يشعر رحاب وزملاءها أن مجهودهم يضيع هباءً .
وقد اقترح الصحفيون على رئيس التحرير تفويض مجلس تحرير بدلاً عنه ولكنه رفض وتحول اجتماع التحرير إلى "خناقة" على حد قولها.
تؤكد الصحفية أن اعتصامهم لا يعطل الحياة في مصر ، بخلاف وقفات العاملين بمؤسسات أخرى كالبنوك والمصانع، وقد بدأ الصحفيون بـ "روز اليوسف" اعتصامهم منذ أمس ومن بين مطالبهم الحصول على حقوقهم في التعيين ما يمكنهم مستقبلا في تعديل سياسة الجريدة التحريرية .
فساد الدقاق
" يا دقاق غور، خلي أكتوبر تشوف النور" بهذا الهتاف وغيره كان يقود مصطفى علي محمود الصحفي بمجلة "أكتوبر" زملاءه المحتجين على سلم نقابة الصحفيين، التقاه "محيط" وقال أنه يرغب في تغيير القيادات الصحفية الفاسدة، وبالتحديد مجدي الدقاق رئيس تحرير مجلة "أكتوبر" لما يراه في أدائه من فساد على كافة الأصعدة ما دفعه وزملاءه لتقديم بلاغات سابقة للنائب العام .
ومن مظاهر فساده الأخلاقي برأي الصحفي سب "الدين والنبي" ، ولكن كما يقول كان قادة الحزب الوطني يتدخلون لدى النائب العام لحفظ البلاغ وعدم التحقيق.
يرى الصحفي أهمية الإسراع بإسقاط بقايا رموز النظام السابق كما سقط رأسه، ويدعو رؤساء تحرير الصحف القومية للإستقالة لأن القاريء يدرك أنهم "عبيد المال" .
من مجلة "صباح الخير" التقى "محيط" بأحد منظمي الوقفة عبد الجواد أبو كاب مساعد رئيس تحرير المجلة، الذي أكد على المطالب السابقة بسبب "ميراث الفساد" الذي صنعه رؤساء تحرير تلك الصحف، فضلاُ عن مطالب الصحفيين بالتعيين بحسب الكفاءة ، معلنا عن تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد وإصلاح الإعلام المصري التي تنطلق رسمياً يوم الجمعة القادم بعضوية رموز المجتمع مثل حمدي قنديل، وممدوح حمزة.
معاناة الجمهورية
الصحفي يسري السيد بجريدة "الجمهورية" ندد بما وصفه بـ "العزب الصحفية" وقال : صحيفة "الجمهورية" تم اختطافها على يد محمد على إبراهيم رئيس التحرير لتتحول من جريدة إلى سوط على ظهر الشعب ، متحولة عن تاريخها كصوت للجماهير كما أراد جمال عبد الناصر حين أنشأها.
يضيف: رئيس التحرير سب الشرفاء بمقالاته، وحول الجريدة أثناء الثورة لساحة توزيع اتهامات، ولكي يتحقق وقف نزيف الاقتصاد الذي دعا من أجله المجلس العسكري الحاكم لوقف حركات الإعتصام بين العاملين بالدولة، إلا أن الفساد هو أكبر مسبب لهذا الإستنزاف .
فصحيفة "الجمهورية" كما يقول الكاتب خلطت بين الإعلان والتحرير عبر حوارات رئيس التحرير مع وزير البترول وشركاته والتركيز على وزير الإنتاج الحربي وجولات بمصانعه .
وتعبر الوقفة بحسبه إلى إعلان شرف الصحفيين العاملين بهذه المؤسسات.
يشير هشام البسيوني الصحفي في "الجمهورية" أيضاً إلى النسبة التي أصبح يتقاضاها رؤساء تحرير المؤسسة، وهي 4 في الألف من إجمالي مبيعاتها، بالرغم من خسائرها الطائلة التي وصلت إلى 230 مليون.
مضيفاً لـ"محيط": لا يمكن أن نترك هؤلاء الفاسدين على رأس المؤسسات الصحفية، التي أصبحت تسحب على المكشوف، مؤكداً أن البنوك أصبحت ترفض ضمان هذه المؤسسات لشراء ورق، ومن ثم ستصبح هذه المؤسسات في خلال شهرين مجرد مبنى، يضم مجموعة من العاطلين!.
في مديح الرئيس
تظاهر عدد من صحفيي مجلة "المصور" لإسقاط رئيس تحريرها حمدي رزق، الذي اعتبره الصحفي محمد دياب "منافق" يكتب بعد عودة الرئيس من رحلة علاجه بألمانيا "عودة الرئيس..عودة الروح"، وبعد نجاح الثورة، وسقوط مبارك، يكتب على غلاف المجلة "مصر..عودة الروح".
وقال الصحفي طارق سعد الدين أن رزق وصل لمنصبه بعد سلسلة مقالات مدح لمبارك منها واحدة بعنوان"النبي تبسم" في إشارة إلى ابتسامة حسني مبارك وهو يفتتح أحد المشروعات!.
يواصل طارق: بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة ألبس رزق على غلاف مجلته أحمد عز تاج توت عنخ آمون وكأنه فرعون، لأنه استطاع هزيمة المعارضة! ويوم 26 يناير نشر صورته داخل غرفة عمليات وزارة الداخلية، وحمل غلاف المجلة كلمات عن معاقبة المخربين!.
يتساءل الصحفي: كيف يمكن لرزق محاربة النظام أو انتقاده وهو جزء منه ومن فساده؟ كما كان يسرق موضوعات زملاءه وينشرها بصحف
0 التعليقات