أسامة الباز من الشخصيات المركبة التي يصعب على أي شخص تحليلها أو تفسير مواقفها فهو واحد ممن تلفّهم الأسرار التي تصنعها المواقف المتباينة حولهم ما بين مؤيدة ومنبهرة بشخصيتهم وأخرى منتقدة وناقمة عليه بصفته أحد أعمدة النظام الحاكم في مصر على مدار أربعين عاما عمل خلالها مع رؤساء مصر السابقين عبدالناصر والسادات ومبارك وظل السؤال الدائم لماذا لم تر رؤيته لأهمية الإصلاح والتغيير طريقها للتطبيق طوال السنوات الماضية باعتباره المستشار السياسي للرئيس مبارك وأحد المقربين منه

الباز ظل يعمل مع مبارك طوال 30 عاما ابتعد خلالها عن الصورة في الفترة الأخيرة ودارت الشائعات حول تقدمه بالاستقالة وعدم رضاءه عن الطريقة التي تدار بها البلاد حتى جاء ظهوره في ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير ليقطع الشك حول انتهاء علاقة الرجل بالقصر الحاكم وبالنظام السابق وتجيب عن السؤال السابق

أسامة الباز شعر خلال الفترة الأخيرة من حكم مبارك بأنه بات معزولا داخل مؤسسة الرئاسة وأن آراءه لم تعد تحظى بالقبول والتأييد من الرئيس وتعرض في تلك المرحلة لحرب تكسير عظام من جانب أجنحة النظام المتصارعة فهو لم يقف مع الحرس القديم ورؤيته في الإصلاح والتغيير ولا مع الحرس الجديد وطريقته في عملية توريث الحكم لنجل الرئيس فكانت النتيجة أن اتفق الطرفان عليه وقلصوا من دوره وصلاحياته داخل القصر الحاكم

وعلى الرغم من أن الباز هو أحد معلمي جمال مبارك وكان أول من سعوا إلى تنشئته سياسيًا من خلال إطلاعه على ما يدور في دهاليز الحكم حتى تلقفه لاحقًا عليّ الدين هلال ليصبح مرشده في العمل الشعبي الجماهيري الذي لا يجيده الباز باعتباره نخبويًا ينحصر وجوده داخل النخبة الثقافية والفكرية داخل البلاد

إلا أن تصريحاته المتكررة بأن مصر لا يصلح فيها التوريث أغضب الكثيرين من المحيطين بالرئيس خاصة السيدة قرينته والدكتور زكريا عزمي الذي يعتبر عدوه اللدود داخل القصر الجمهوري وكثيرا ما كال الاتهامات للباز بالتغريد خارج سرب المجموعة المحيطة بالرئيس مبارك وتمسكه بأفكار خاصة

الباز اعترض كثيرا على تدخل السيدة سوزان مبارك في شئون لها حساسيات خاصة كما طالب الرئيس بتغيير العديد من الوجوه المحيطة به من رموز الحرس القديم مثل الشريف والشاذلي وسرور لذا كان توجه الفرقاء نحو تقليم أظافره والحد من نفوذه داخل مؤسسة الرئاسة


كل هذه الأمور جعلت الباز يخرج عن صمته ويفتح النار على الرئيس السابق ونظامه واتهمه بأنه أذل الشعب المصري أكثر من اللازم وتوقع اندلاع الثورة ضده بعدما جعلنا في ذيل الأمم بعد أن كنا في مصاف الدول المحترمة على حد قوله

وانتقد أسامة الباز أسلوب الرئيس مبارك وعدم استماعه إلى آراء ونصائح مستشاريه وقال إنه لا يستمع سوى لصوته فقط ولا يقبل بالرأي الذي يخالف هواه وانه اختار خلال السنوات العشر الأخيرة قيادات ووزراء أضروا البلد كثيرا واستطاعوا تكوين ثروات طائلة لأنهم يعلمون أنهم لن يحاسبوا على جرائمهم
وأكد أن مبارك ترك مقاليد الحكم لابنه وبعض رجال الأعمال ممن لا يعرفون شيئا عن السياسة ولم يقدموا لمصر إلا الهوان وأنه لا يلام في هذا سوى الرئيس نفسه الذي لا يسمع إلا صوته وأشار إلى أنه كان بجواره مخلصين للبلد غير أنه استغنى عنهم بفعل كلام من وصفهم بالمستفيدين والمضللين وأشار إلى أنه كان يطرح عليه آراء لو أخذ بها لربما صارت الأمور بشكل أفضل

وقال إن النظام انشغل بسيناريو التوريث وترك دولا ودويلات تتدخل في شئونه وتخطف منة الدور الإقليمي وأشار إلى أن الذين يدافعون عن النظام هم أكثر الناس استفادة من وجوده وطالب بمحاسبة كل مسئول أساء لمصر ونهب ثرواتها وقام بالعبث بمقدراتها وثرواتها ودعا أيضا إلى مراجعة جميع الاتفاقيات التي وقعتها مصر وأضرت بمصالحها سواء في الغاز أو الملفات الخارجية


أسامة الباز من مواليد 1931 تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة وحاصل على دكتوراه في القانون من جامعة هارفارد شارك في مفاوضات كامب ديفيد وصياغة معاهدة السلام عام 1979 وهو مؤلف كتاب مصر والقرن الحادي والعشرين وتولى الملف الفلسطيني-الإسرائيلي لفترة طويلة وهو شقيق عالم الجيولوجيا فاروق الباز

وللدكتور أسامة الباز ولد واحد هو الدكتور باسل الباز متزوج من فريدة خميس ابنة رجل الأعمال ورئيس لجنة الصناعة بمجلس الشورى المنحل محمد فريد خميس وقضي باسل سنوات عديدة في الولايات المتحدة الأمريكية للحصول علي درجة الدكتوراه كما عمل لفترة في أمريكا ثم عاد إلى مصر وتزوج وأنجب حفيد أطلق عليه اسم والده أسامة