في حفل منحه جائزة نجيب محفوظ
كلمة الكاتب الكبير ناصر الدين الأسد
القاهرة 16/7/2011م
باسم الله , والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله , ثم السلام عليكم جميعًا ورحمة الله وبركاته .. والسلام على مصر : أرضها ومائها ، وسمائها وهوائها ، شيبها وشبّانها ، فتياتها وفتيانها ، وعلى علمائها وأدبائها وشعرائها الذين تفتّحت مداركنا على كتاباتهم وقصائدهم قبل أن نلقاهم ، ثم لقينا أكثرهم فغرفنا من علمهم وأدبهم زادًا نتقوَّى به على مرّ الأيام ، ونفخر في كل حين أننا تلامذتهم : شاهدناهم وجالسناهم واستمعنا إلى أحاديثهم وتلقّينا الدروس عليهم .
أيها الحفل الكريم
إن الجوائز ، وخاصةً الجوائزَ الأدبية ، تعلو قيمتها بعلوّ قدر مانحيها ومكانة الذين تحمل أسماءهم . وإنني أقف أمامكم اليوم ،والاعتزاز يملأ جوانحي، لأنني أنال جائزة تمنحها مصر العظيمة ، وتنتسب إلى نجيب محفوظ ، وحسبه أن يُذكَر اسمه لتواكبه الألقاب والصفات لتمجيد مكانته الفكرية الأدبية ، وما أغناه عن كل لقب وصفة يضافان إلى اسمه .
ولا أملك وأنا في هذا الموقف إلا أن تعود بي الذاكرة إلى أربعة وستين عامًا (إلى عام 1947) حين تخرجت في كلية آداب جامعة القاهرة ونلت منها درجة الليسانس فوصلتني رسالة من الأستاذ عميد كلية الآداب حينئذ الدكتور زكي محمد حسن يخبرني بنيلي " جائزة حضرة صاحب العزة الدكتور طه حسين بك"
وكانت الجائزة لي حينئذ – ولا تزال إلى اليوم – فرحة غامرة واعتزازًا أيَّ اعتزاز . وها أنذا أقف اليوم مطوّقًا بجائزة طه حسين في البدء وبجائزة نجيب محفوظ في الختام ، فأي تاج أعزّ من تاجَيَّ كما قال شاعرنا الأخطل الصغير . وبين الجائزتين جوائز هي كالنجوم بين هذين القَمرَين ، لا استصغارًا لقيمة تلك الجوائز إنما استعظامًا لمكانة هاتين الجائزتين .
ومما يزيد من اعتزازي أن يكون قد اختارني لهذه الجائزة أربعة من أعلام أدبنا العربي من أعضاء اتحاد كتاب مصر لكل واحد منهم تاريخ حافل بالعطاء الفكري الأدبي . وكذلك مما يزيد في اعتزازي أن أنضمّ إلى هذه الكوكبة من المستنيرين من مثقفينا الذين سبقوني إلى الفوز بهذه الجائزة , وفيهم أصدقاءُ كرامٌ لي أعتزّ بصداقتهم مثلما أعتزّ بمكانتهم الأدبية .
أيها الحفل الكريم
إن أمتكم العربية في أقطارها جميعها ، وبشعوب هذه الأمة كلهم , ترنو إلى النور الذي انبثق من مصر , وتعلم أنه سيغمر بضيائه أقطار العروبة كلها . كذلك كان الشأن دائمًا مع مصر ومعنا : تنهض من سُبات ، ثم تمسك زمام القيادة بعد أن أفلت من يدها رَدَحًا من الزمن , وتتحلق حولها شقيقاتها العربيات , فتقوى بهنّ , وتقوى شقيقاتها بها . وها هي ذي قد بدأت التحرك للنهوض , وسيتحقق لها ولنا ما نصبو إليه بتوفيق الله وبعزم أبناء مصر الأشاوس وأبناء العروبة الذين واكبوا مصر في التحرك وتابعوها .
والسلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
0 التعليقات