روز الزهراء اليوم

مجلة الكترونية شاملة متنوعة متجددة

WordPress plugin

يا وحي الشعر اسعفني
وانصفني واعصفني
وصب عليا من فيضك
سيول القول
بالتأكيد عرفناها مع مطلع الفيض الذي انهمر عليها بلا توقف ليرتجف الإلهام ليعلن أننا أمام شاعرة لها وزن وثقل في الساحة الأدبية , كذلك فهمها لطبيعة التلاقي بين المعنى والبحر المعبر عنه  ,وأدوات الشاعرة في تضفير المستويين اللغويين : العامية بالفصحى.. أمامي ديوانها الجميل "الفيض يرمي لنا التسابيح" والعنوان كما نرى فيه شدة الكرم من خلال الفيض والرمي والتسابيح.
في هذا الديوان الذي يتضح من قراءته المتأنية أنها لم تتعجل الصدور، وأنها تأنت لتجمع أحرف الكلمات وتأنقها وتهدهدها لنجد هذه الكلمات نفسها التي ثارت عليها معلنة الغضب كما في ثورة يناير والتي انفعلت بها فاتن وقامت بإهداء الديوان إلى ميدان التحرير فكان تلاحما عبقريا بين الديوان والإهداء.
أعود لفعل الأمر في قصيدة الثورة والتي بدأت بها كتابتي عن الشاعرة. وهي تطلب من وحي الشعر وإلهامه أن :
1-    يسعفها.
2-    ينصفها ثم يعصف بها.
3-    ويصب عليها سيول القول.
إلى أن تكون النتيجة أن تجرحها سهام هذه المحصلة المفرحة.
فمعنى الإسعاف – الإغاثة والانقاذ والسرعة.
ومعنى كلمة الإنصاف – إزالة الظلم وفيها العدل والإنصاف
ومعنى كلمة عصف – العصف: العصافة وفي التنزيل العزيز: الرحمن آية 12 (والحب ذو العصف والريحان) ، وفيه : الفيل آية 5 (فجعلهم كعصف مأكول) والعصوف من الريح، وعصف الزرع: جزه قبل أن يدرك.
إذن هي تطلب أشياء تواكب فعل الثورة لتجعل منها سيلاً، بعد العواصف الهوجاء من الكلام. لتنجرح بسهام الفرحة وتطوح  بها وكأنها سكرة من الانتصار فلا تشعر لأنها استشهدت في عبقرية المكان الذي افتعل وتفاعل كما العجين خمر وتخمر فيه وجع المصريين عند باب القهر.
ويصفها الدكتور أمجد ريان بأنها تهتم وتصغي للجانب التاريخي، كقولها مثلا (يكون بينا قابيل وهابيل) ، (تهز عروش لأقوام عاد).
وفاتن شوقي لها قدرات موسيقية ونحن أمام قصيدة طويلة النفس، وقد يشكل ذلك مبالغة لكننا  أمام كنز حقيقي من الإبداع، وما أجمل أن ترص الشاعرة هذا الرصد المثير والجميل للعلاقة بين الناس والنيل وها هي التركيبة النيلية الأصلية تتجلى عبر لآلئ الصور المدهشة والتي تدهشنا بها الشاعرة وتؤكد قدراتها الفنية ببراعة.
بريق الحق.. يشق سواد الزيف
يدن في ودان الصمت يصيح
أو
   يتوضي  البرعم من نيلي: صورة مذهلة، فالبرعم هو النبت، الطفل، الفكر الجديد، ينمو على النيل ويشرب منه لكنه يتوضأ وهو صورة توحي بالقوة وإن كانت فاتن بهذه الشاعرية فدعونا نتعرف عليها عن قرب فنري  أنها نشطة متحركة تحصد الجوائز على مستوى الوطن العربي فقد نالت جائزة الدكتورة سعاد الصباح من خلال دراسة بعنوان "أشهر شعراء العربية" كان هدفها  التوقف بالتحليل أمام ظاهرة كبري مثل الشعر العربي في عصره  الحديث , ثم المشكلة الخطيرة والتي عنت بها معيار الشهرة وهل يصلح معياراً للجودة ؟,وقد نالت الدراسة إعجابا عربيا , وقد أقرت  لجنة التحكيم بأنها الأكثر دقة وموضوعية واستيعابا لهذه الحركة على مدى خمسين عاماً.
     وفي جملة أعجبتني فيها وقد أجابت عن سؤال يتردد في داخل كل منا في هذه الأيام.. هل النقد غائب عن الساحة الثقافية ؟..تقول فاتن الناقد الحق هو من يمتلك ضميرا حيا أولا ثم فنيا ينطلق منه، وهذا أراه غير متوفر حاليا لأنه يدخل دائرة المجاملات والشليية.
وهذا حقيقي بعدما غابت ضمائر النقاد أمام أشياء عدة يضعف أمامها الناقد فيبدأ في سرد مزايا من ينقده وكأنه فارس زمانه وقد غاب عنه شيء هام بل غاية في الأهمية أن المبدع إن كان مبدعاً سيظل يمتلأ بالأنا وبالأخطاء.
أعود لفاتن وعوالمها الصوفية الممتدة من الجذور من نبع ماء النيل وأصالة المصري الذي يرمي بنظراته الموحية بالتعب على وجه مصر كلها إلى الاغتراب النفسي والهجرة الروحية ليصل بنا إلى الشاطئ وأن التاريخ يبقى أثرا في بعض الأحيان، وضعيفا في البعض الآخر، فإن سرت في النفس ذكريات مثل المقاومة والثورة والجهاد، فإنها تعد مدادا لما يكتبه الكاتب دائماً.
حاولت شاعرتنا أن تمزج  العامية بالفصحى، ولغتها العامية تعلو على  لغتها العامية الدارجة حتى حينما تكتب للأطفال. إذن حينما يمتلك البدع أدواته الإبداعية فإنه يتحرك في حيز كبير من الفراغ بل يصبح مثل الفراشة تحلق وترتفع بجناحيها لتحاور السحر الكامن في خيالاتها البعيدة.
وفاتن أعرفها حالمة، ثائرة، متأججة، لها عوالمها الخاصة بها تنظر إليك، لكنها تنظر في الفراغ البعيد في صوفية خالصة وهذه أجمل وأرق ما فيها أن تنسلخ عن عوالم البشر، هي أم لذلك اكتسبت كتاباتها الأخيرة نوعاً من الحنان الغريب، والخوف الكامن في الأعماق على الأبناء وكأنها ورثته عن الأم الكبيرة مصر وفاتن تلقي قصيدتها دون أي حساب للقواعد الثابتة والقيود الجامدة ففي قصيدتها تنتقل من العامية للفصحى وتحاول أن تحفر لها دربا من دروب الشعر أكثر خصوبة    فهي لا تعيش محصورة بين جدران الذات، بل تسعى لعوالم أكثر انفتاحاً. 

0 التعليقات

إرسال تعليق

create your own banner at mybannermaker.com!

visitors

Slider

create your own banner at mybannermaker.com!

PHOTO GALLERY

bookmark
bookmark
bookmark
bookmark
bookmark

About Me

صورتي
الشاعرة
شاعرة مصرية / رئيس اتحاد كتاب مصر فرع الدقهلية ودمياط / عضو نادى أدب المنصورة / المسئول الإعلامى بأتيليه المنصورة /
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

Followers

1

create your own banner at mybannermaker.com!

Blog Archive

Search

Map

*ترحب روزالزهراء اليوم بإبداعاتكم ومشاركاتكم لنشرها بواحة الإبداع وذلك علىfatma_fal_2@yahoo.com ........ *أخيرا تم نقل مقر اتحاد كتاب الدقهلية إلى (18 ش المروة/المهندسين..مجمع المحاكم المنصورة) ..أهلا وسهلا بكم فى داركم ......
Blogger. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Popular Posts