بين جمع كبير من الأدباء في ندوة أدارتها الشاعرة فاطمة الزهراء فلا باتحاد كتاب الدقهلية وحاضر فيها الدكتور أشرف حسن الذي أدخلنا إلي عالم السرد قائلا...لا يمكن أن نتصور علماً للسرد القصصي إلا بعد أن يوجد السرد القصصي نفسه، وبصورة تمثل ظاهرة تغري الناقد ومؤرخ الأدب بالدراسة والبحث. وإلا بعد أن ينشأ السرد ويتطور، وتتميز خصائص عامة له، يخرج منها خصائص فرعية تمثل نوعاً سردياً جديداً. وبناءاً على هذه المقولة كان (السرد) أي الإخبار عن حدث يتدخل فيه السارد ـ لأنه جزء منه أو مراقب له ـ كان أول سرد بالضرورة. قبل أن يتشكل السرد كفن متميز له خصائصه ورواته.
ولأن السرد - بهذا المفهوم - يشمل كل شئ (يروى) (يقص) (يخبر عنه). فلا بد أن يحمل عناصر فنية تعطيه مصداقيته عند المتلقي ـ من خلال اتفاق خصائص في السرد مع خصائص في رغبة الإنسان المتلقي للمعرفة أو للمتعة أو للمشاركة. وليس غريبا أن تأتي الدلالة من مادة (قص) التي تحمل في طياتها التتبع والتعرف والوصول إلى الهدف المنشود من القص.كما حملت الدلالة معاني القطع والتسوية وإعطاء الشكل أي عكس الهلامية وعدم الانتظام.كذلك حمل مصطلح السرد التماسك والانتظام.
ومن ثم كانت الأشكال الأولى من السرد - حتى غير المعروف لدينا الآن - بداية لخلق شفرة بين المرسل والمستقبل، ويستدعى ذلك أن تتميز لغته لتحمل هذا النص السردي الشفوي - بالضرورة- والمكتوب بعد ذلك. ولما لم يكن الفارق بين الشعر والنثر واضحاً. كتب السرد شعرياً. وكتب الشعر سردياً، في أشكال: الخبر، والحكاية، والأسطورة، والأغنية، والابتهال، والقصيدة، والمسرحية... الخ.
ولم يظهر النوع الأدبي بشعريته المتميزة إلا بعد نضوج طويل المدى، والقصة القصيرة في هذا السياق غير الحكاية أو الأسطورة أو الملحمة.لأنها ذات شخصية متميزة،حيث تأخذ في كل مرحلة تاريخية أو فنية خصائص جديدة تضاف لما هو موجود. وإن كان كل نوع أدبي يفيد من السابق عليه ولكنه يفترق عنه، ليتميز ويتواجد. ويعنى هذا أنه يتطور بفعل تطور الحضارة التي يوجد فيها، متأثرا بسياقاته الاجتماعية والسياسية والفنية، ومؤثراً فيها في الوقت نفسه. فهي دائرة من التأثير والتأثر المتبادل طوال فترة حياة الحضارة الحاضنة لهذا النوع الأدبي، وطوال تقبل الواقع الاجتماعي والفني والروحي له، وثالثاً طوال تواجد المبدع المتميز القادر على إعطاء النوع الأدبي خصائص متميزة وجديدة تخلق احتياجاً ـ له ـ من أفراد المجتمع
بعد دخول القصيدة النثرية أدى ذلك إلى جذب العديد من الشعراء إلى كتابة القصة القصيرة النثرية.
لم ينفصل نجيب محفوظ عن الحركة والتطور والنمو القصصي والروائي الجديد أو الحديث فهو يغير جلده بسهولة ويسر فقد كان حداثياً وهو في التسعين من عمره.
0 التعليقات