لا يكف الشيوعيون الحكوميون من أعوان النظام المصري الفاسد الذي سقط، وجنود الحظيرة الثقافية الفاشية- عن النُّواح والبكاء على أطلال المناصب التي فقدوها في التغييرات الصحفية الأخيرة، وسقوط بعض أركان الدولة العميقة في رميةٍ إلهية، جاءت في وقت الشدة التي شعر بها المصريون المساكين، بعد الدماء والشهداء والقهر الطويل!.ـ
الشيوعيون من خدام "البيادة" البوليسية والعسكرية في زمن الإجرام الفاشي- لا يعترفون بأحد سواهم في الفضاء الثقافي أو الفكري أو السياسي، ومن ثَمَّ لا يتصورون ولا يتخيلون ولا يتوقعون أنْ يشاركهم أحدٌ في المناصب والمسئوليات الوطنية؛ ولذا يعتقدون أنَّ كل تغيير قانوني يذهب ببعضهم هو مصادرةٌ للفكر، وتقييد لحرية التعبير، واعتداء على حقوق الإنسان.ـ
في سنة 1993م صدرت مطبوعةٌ تحمل اسمًا أدبيًّا عن مؤسسة صحفية حكومية يسدد خسائرَها الشعبُ المصري البائس الفقير من عَرَقِه ودمه وكدحه؛ فيسعد الشيوعيون الطغاة الإقصائيون الاستئصاليون الأنانيون، ويرفلون في نعيم الشهرة ودَخْل "السبوبة" الأدبية.ـ
الجريدة الأدبية كانت تجميعًا لفريق شيوعي متعصب يعمل في ظل الدولة البوليسية الفاشية، وكانت مهمته: تشويه الإسلام، والتشهير بالإسلاميين باسم التصدي للتطرف والإرهاب، والترويج للإباحية الأدبية في نشر النصوص العارية، والدفاع عنها باسم الحداثة الإنسانية، والتقدمية المستنيرة، وتجاوز الظلامية السائدة "أي الإسلام".ـ
وراح قائد هذا الفريق يتخذ من الجريدة وسيلةً للترويج لمن بيدهم منافع وعطايا وهدايا في الخليج والشمال الإفريقي؛ مما أتاح له عديدًا من السفريات والجوائز والمكافآت، والوصول إلى أماكن نافذة في الفضاء المحلي الحكومي والأمني فضلًا عن الثقافي... أي أنَّها كانت بامتياز "سَبُّوبَة" مفيدة ومربحة ماديًّا ومعنويًّا، مع أنَّ المذكور ضعيف الموهبة والأداة الفنية.ـ
وقبل ذلك وبعده، لم يسمح لأحد خارج الدائرة الحظائرية أنْ ينشر كلمةً تعبر عن التوجه الإسلامي، أو تحمل تصورًا إسلاميًّا، بل إنَّه كان يحذف الأخبار التي تتضمن اسمًا إسلاميًّا، ولو كان ذلك ضمن ندوةٍ أو مناقشةِ رسالة علمية أو نحو ذلك!.ـ
وبعد أنْ تقاعد جاء خليفته المعيَّن من قِبَل السلطة فنظم الفريق الشيوعي الحكومي، الذي يحرر المطبوعة اعتصامًا لرفضه لأنَّه لم يكن شيوعيًّا، مع أنَّه كان مسايرًا لأهل الأرض جميعًا إلا الإسلاميين، ونجحوا- بمساعدة بقية الشيوعيين الإرهابيين في المرافق الثقافية، والصحفية؛ وحلفائهم في أجهزة القمع، والقهر- في عزل رئيس التحرير الجديد، وجاءوا بصحفية شيوعية من فصيلتهم!.ـ
مع التغييرات الصحفية الأخيرة- التي وضع لها مجلس الشورى معايير موضوعية بعيدًا عن معايير النظام الأمني الفاجر- لم تتقدم "السِّت" الرئيسة في المطبوعة المذكورة إلى المجلس برغبتها في الاستمرار؛ فجاء شخص آخر من المؤسسة رأت فيه اللجنة المختصة الصلاحية وفقًا للمعايير المطبقة على من يشغل وظيفة رئيس التحرير!.ـ
القوم لم يقبلوا أنْ يأتي رئيس تحرير من غير بني جلدتهم الشيوعية؛ فراحوا ينالون منه ويصفونه بصفاتٍ ليس أقلها الفلولي "من الفلول"، الذي يأخذ عمولاتٍ على الإعلان فقط نتيجة عمله مستشارًا لأحد الحكام العرب، والذي وصف صفوت حجازي- في حواره معه- بالفقيه الثوري، وتلك خطيئة لا تغتفر لدى الشيوعيين، ثم هو الذي كتب عن "مبارك" و"قابوس" و"القذافي"، وهو الذي لا تنطبق عليه شروط الاختيار التي وضعها مجلس الشورى نفسه؛ لأنَّه لا يعمل في المؤسسة منذ عشرة أعوام، وهو بعد ذلك- كما يزعمون- واحد من أهل الولاء والثقة!.ـ
لقد زعم القوم- دون أنْ يخجلوا- أنَّ رئيسة التحرير السابقة رحلت عن منصبها قسرًا وغصبًا؛ عقابًا لها وللجريدة على مسيرة عامين ماضيين، وعقابًا أكثر على العدد الأخير الذي أعلنت فيه أنَّه "لا سمع ولا طاعة" لمجلس الشورى ولمن وراءه "؟؟؟".ـ
ثم زعموا أنَّ الأمر لم يقف عند حد الرحيل، بل اقتُحِم مكتبُها بالجريدة، ومُنِع مقالُها، وأتى "مجلس شورى الإخوان" بمجموعة أبنائهم لرئاسة تحرير المؤسَّسات الصحفية، ولم يتورَّعوا وهم يُعيِّنون "فلولًا" يستحيي منهم النفاقُ على ابتكارهم فيه؛ فلم يراعوا ثورةً ولا شهداء ولا وطن...!.ـ
ثم إنَّهم حوَّلوا الجريدة من ميدانٍ متحضر للاحتجاج على الغزاة الجدد!- الذين لا يعرفون مكانة مصر ومبدعيها- إلى مجال لغير المتحضرين أعداء الظلام!.ـ
المسألة إذن- بالمفهوم الشيوعي- ليست تغيير قيادات صحفية وفقًا لقانون الحياة الذي يقضى بالتغيير، ولا قانون الصحافة الذي يفرض التغيير، ويسند مهمته إلى مجلس الشورى، ولكنها "مجلس شورى الإخوان"، و"فلول يستحيي منهم النفاق"، و"غزاة جدد"، و"عدم تحضُّر"... وكل ذلك من أجل تغيير رئيس تحرير صحيفة
!.وفي الوقت الذي يصفون فيه من لا ينتمي إليهم بالولاء للسلطة، والنفاق، والفلول، وعدم التحضر- فإنَّهم لا يتورعون عن مدح أنفسهم، وإطلاق الألقاب الفخمة على ذواتهم، من قبيل: المناضل الوطني، والْمُبْدِعة الثائرة، والقلم الجامح، والثوري النقي...إلخ.ـ
لقد تنادى القوم إلى النزول إلى الشارع ردًّا على تغيير القيادات الصحفية؛ لأنَّ المثقف- "الشيوعي طبعًا!"- يمتلك خطابًا قادرًا على التأثير في الوعي، وهو الضمانة الحقيقية للدفاع عن العقل والدفاع عن الهوية، وكأنَّ غير الشيوعيين وغير اليساريين ليسوا مثقفين وغير مؤثرين، ولا يدافعون عن العقل والهوية الحقيقية للأمة وهويتها الإسلام، الذي أعلى من قيمة العقل، والوحي في آنٍ واحد!.ـ
أيها الشيوعيون، نشاطركم الأحزان بمفهومنا الإسلامي، وليس بمفهومكم!.ـ
0 التعليقات