واحة في الهجير... والشوق إلى الوطن
الشعر فيض من الإلهام ، قبس من النور ، يحيا صاحبه فى فكر دائم ،وهيام عجيب ... أحيانا تراه يحدث القمر وأحيانا أخري يحادث الشجر ... هذا فى حالةالحب ، وصلنى ديوان واحة في الهجير . شدنى العنوان لكنى نحيته جانبا وقلت سأ تركة حينيروق المزاج ويصفو لكنى كنت مخطئة بلاشك ..ففى ليلة داهمنى فيها الأرق كعادته معىحين تؤرقنى قصيدة ، وما أصعب ميلاد القصيدة الشاعر، نظرت بجانبى فإذا بى أجدديوانه ... فكأنى أجد روحى تتحرك فى واحة من الكلمات بدأتها الحقيقة بقصيدة غربةفى وطن والتي بدأها
أحبك ياقريتى أنت مهدى .. ومنطلقى بعد عهد العظام
إنى أحبك مهدا وعهدا .... وذكرى زمان مضئ فى سلام
ما أجمل أن يناجى الشاعر الوطن ب"أن المهد بعد أن يفطن ويعتبر هذا الوطنكل شئ فى الحياة .
وأصل بروائع النظم والكلمات إلى أن أصل إلى
رنين الفلوس ـ أدار الرؤس
وداس النفوسرفيف الحطام
ولاعجب أن تأتى هذه الأبيات من شاعر عاش عمره مغتربًا يحمل الحلموالألم فى آن واحد فتأجج ورأى كيف لعب المال بالنفس البشرية فحولها وداس عليها بكلقسوة العصر
أما القصيدة التى تأثرت بها ووأسرتنى فهى قصيدة "راحل فى حومةالوغى " والتى أهداها للعالم والباحث والشاعر الدكتور محمد رجب البيومى والتىبدأها ببيت قوى يقول منه
راهب العلم والأدب
فى المحاريب يارجب
سوف تبقى مخلدا
ما إلى الموت من سبب
وأنا أهدى هذه القصيدة إلى جيل الشباب الجديد الذى لايعرف اسم ر جب إلا من هيفاء وهبى التى تغنت له فىدلال زائد وهى تتلوى كالأفعى ... رجب حوش صاحبك عنى وشتان بين رجب الشاعر الكبيرسيد صديق والشاعر المجهول الذى كتب لهيفاء رجب
أصل مع رجب إلى بيت من المعانى التى تدق بعنف على المشاعر
مصر يبنى شبابها
دولة هدها التعب
ساد فيها مزور
غاضب غير منتخب
فاعتلى كل مفسد
وارتقى كل منكذب
لم أكن أعلم أنواحة الهجير ... كتبها شاعر يبدو أنه من الزمن القديم والجميل فى آن واحد فإذا بهيفاجئنى بأنه شاعر حديث ، يكتب مثل آلافالشباب الذين وقفوا فى ميدان التحرير منددين بالحكم الفاسد والزعيم التبت كما وصفهأيمن نور .. هذه التنديدات العصرية الشاملة بها الكثير من الوقائع التى تجعل فكركفى حالة من البحث عندما يغريك بواقعة يحكيها من كتاب " قاموس العاداتوالتقاليد المصرية " الصادر من دار الشروق وهى تعكس نمطا شائعا من العلاقةبين المستبد وضحاياه .. والواقعة تحكى أن فلاحاأصاب مالا فارتاد ذهبية وهى قاربًاكبيرا وارتدى ثيابًا أنيقة ، وعندما رآه صاحب الأرض وكان متغطرسًا أمر عماله أن يقبضواعليه وحاكمه محاكمة قاسية لمجرد تجرؤه على فعل الأسياد ... هذه الواقعة كتبها تحتعنوان جملة اعتراضية ... هل يحمينا إذعان من الظلم بقلم علاء الأسوانى
إذن جاء ذكاءالشاعر فى خلطة سرية عجيبة تجبر القارئ أن يلتهمها دون أن يبقى منها شيئا ، فجمعكتاب ومقالات أكاد أجزم أن نسبة قراء تها تكاد وتكون مائة بالمائة ثم عزلها معأشعاره التى تحمل فكر ثأئر فى العشرين من عمره ثم يضرب ضربته القاسمة بيد من حديدتذيب الحديد ووتفله حين يزأر كالأسد الذى هدموا عرينه فى قصيدة
سقوط الصعنفيقول
كان حلما فخاطرا فاحتمالا
ثم أضحى حقيقةلاخيالا
ثورة قادها الشباب بعلم
وأقتدار وماأتوها ارتجالا
سؤال سألته لنفسى ... هل ثورة يناير مثل بناء السد العالى كلمنهما كان حلما .... نعم لكن الجميل أن يجعلك الشاعر تنتبه فأنت تقرأ البيت الأولوتشعر أنك على أعتاب معجزة تمت بالفعل
خلصوا مصر منغشوم عنيد
يحسب النجم منه أدنى منالا
واصطفى حوله اللصوص اصطفاء
فاشتكى الأصفياءمنه الملالا
هذه التشبيهات الرائعة ... بأن الحاكم العنيد قد نلمس النجم فىالسماء وهذا الذى فى قلعته الحصينة مستحيل أن نصيبه بالأذى والمكر .
ثم اصطفاء اللصوص والتأكيد على ذلك ، وشكوى المخلصين بأن الوطنأصبح مملا وخائبا وعلى وشك الانهيار وفى السياق نفسة يقول
لم ير ث عن أبيه ملكا وعرشا
كيف طالالسماء وداس الجبالا ؟
ثم إن الشاعر تحدث فى أغراض مختلفة لكنها كلها تصب فى تلوينالقصائد بروح الثقافة والمعرفة ، فيتحدث عن وثيقة بكين وكيف وصف من كتبوها بأنهممثل قوم لوط ، وأنها ترمى إلى الانفلات الأخلاقى
ترمى إلى انعتاق
من ريقة الأخلاق
من حقكل أنثى
و إنبدت كالخنثى
حرية الإجهاض
دفعا إلى المرحاض
نحن إذن أمام شاعر دفعتهثقافتة وعزمته إلى أن يغوص فى دنيا الشعر اللامحدودة ، فتتعرف منه فى قصيدة "فى عرس هيثم " أن الهيثم هو فرخ النسر .
أما إذا تحدث فى السياسة فهو ملم بأخبارها فتحدث عن أمريكا وإسرائيل والقدس .
وفى واحة الهجير يقدم لنا سيد الصديق شاعرا عربيا كبير ا هو عبدالله بن سليم الرشيد والذى يقول فى شاعرنا
أغلوا قصيد أبى عماد
واشدوابه فى كل ناد
كم قد روى ، ولكم بنى
منه الزنات الجياد
فإذا ترنم منشدا
غرر القصائد يستزاد
لاعزو ، من احسانه
ألقت له الأذنالقياد
0 التعليقات