السيرة الذاتية تستند إلى الاستبطان الداخلي للشخصية في علاقتها بالواقع الموضوعي. ومن ثم، فهي ترتكز خطابيا على سرد الحياة الشخصية للمبدع أو الكاتب أو الفنان، وذلك من خلال استرجاع فترات من حياته، مع ذكر المعيقات التي واجهها الكاتب في حياته منذ طفولته حتى شبابه ورجولته وكهولته
.
وفي هذا السياق، يعرف فليب لوجون السيرة الذاتية أو الأوطوبيوغرافيا بأنها عبارة:"عن محكي استرجاعي نثري يحكيه شخص واقعي عن وجوده الخاص عندما يركز على حياته الفردية وخصوصا على تاريخ شخصيته
".
ويعني هذا أن السيرة الذاتية تمتاز بمجموعة من الخصائص الدلالية والفنية والجمالية، والتي تتمثل في التركيز على الذات، واستخدام ضمير المتكلم، والمطابقة العلمية، والتأرجح بين المسوغ الذاتي «الحياة الفردية والشخصية» والاستقراء الخارجي «استقراء أحداث الواقع»، وتمثل النثر والكتابة السردية المحكية طريقة في التعبير، والميل إلى استخدام الزمن الهابط، وتشغيل تقنية الاسترجاع «فلاش باك
».
وثمة نوعان من السير الذاتية من حيث الإيقاع السردي: سيرة تمجيدية تشيد بانتصار الشخصية الرئيسة على مثبطات الواقع كسيرة"الأيام" لطه حسين، وسيرة مأساوية مريرة تنتهي بالعجز والموت والفشل كسيرتي"الألم" و"الرحيل" للكاتب المغربي العربي باطما
.
ويعرف عبد السلام المسدي خطاب السيرة الذاتية باعتباره:"جنسا أدبيا ينطلق من إطار اهتمام الإنسان بسيرته الشخصية، وهي تحمل في طياتها ضربين من الازدواج: تراكب غرض ظاهر مع غرض باطن من جهة، ثم تضافر استقراء موضوعي مع تسويغ ذاتي من جهة أخرى، فإذا بهذا الازدواج المتضاعف يستحيل معضلة فنية لا يقاس توفق الكاتب في هذا الجنس الأدبي إلا بمدى إحكامه لنسج ظفيرتها. على أن الثنائية النوعية التي يجتمع فيها الاستقراء الخارجي للأحداث مع الاستبطان الداخلي للانفعالات والأحاسيس هي التي تدفع الناقد إلى استشفاف طبيعة الالتحام في هذا الجنس الأدبي بين مستلزمات ذات الـــ"أنا" ومقتضيات الغائب. وغير خفي ما بين هذين الجدولين من تباين في معين الإلهام ومصبات الإفضاء الشعري
"
ومن المعروف تاريخيا أن السيرة الذاتية فن أدبي قديم ظهر عند الكتاب الأمازيغ أولا وخاصة عند القديس أوغسطين صاحب كتاب"الاعترافات" ذي الطابع التيولوجي المسيحي. وقد عرفها الغرب بعد ذلك كما هو الحال عند جان جاك روسو في كتابه"الاعترافات"، والكاتب الفرنسي مارسيل بروست في روايته الخالدة"البحث عن الزمن الضائع "، والكاتب الإنجليزي جيمس جويس في"صورة الفنان في شبابه
"...
وقد عرف هذا الفن الأدبي أيضا إشعاعه الفني كتابة وتصويرا وبيانا وبديعا لدى العرب في العصر الوسيط كما يدل على ذلك كتاب"المنقذ في الضلال" لأبي حامد الغزالي، وكتاب ابن خلدون: "التعريف برحلة ابن خلدون شرقا وغربا
"...
ويمكن تعداد الكثير من السير الذاتية في أدبنا العربي الحديث ككتاب"الساق على الساق فيما هو الفارياق" للشيخ أحمد فارس الشدياق، وسيرتي "الأيام" و"أديب" لطه حسين، وسيرتي"أنا" و"سارة" للعقاد، و"حياتي" لأحمد أمين، و"تربية سلامةموسى" لسلامة موسى، و"إبراهيم الكاتب" لعبد القادر المازني، و"عصفور من الشرق" و"يوميات نائب في الأرياف" و"عودة الروح" لتوفيق الحكيم، و"حياتي في الشعر" لصلاح عبد الصبور، و"في الطفولة" لعبد المجيد بن جلون، و"رجوع إلى الطفولةّ" لليلى أبوزيد، و"الرحلة الأصعب" لفدوى طوقان، و"الزاوية" للتهامي الوزاني، و"الخبز الحافي" و"الشطار" لمحمد شكري، وسيرتي"الألم" و"الرحيل" للعربي باطما، و"الحجرة الصدئة" لعمرو القاضي، و"قصتي مع الشعر" و"من أوراقي المجهولة" لنزار قباني، ورواية"أوراق" لعبد الله العروي , هذه المقدمة ماهي إلا نبذة عن السيرة الذاتية لأي مبدع يحاول فيها استجاع رحلته مع الأيام والسهرة كانت في قصر ثقافة المنصورة وعلي ضفاف نيل المنصورة الي يسلب الألباب ويفجر ينابيع الذكريات التقي مجموعة من الأدباء والشعراء ليشاركوا الشاعر فتحي البريشي ذكريات ابداعه والذي بدا فيها فتحي متألقا وبسيطا يغوص إلي الدقائق الفاصلة في حياته , أهم ما في ذاكرة فتحي قريته كفر الاعجر , من هنا نتأكد من أن تلك القري هي التي أخرجت لنا الأسماء الإبداعية الكبيرة أمثال السنباطي , وابراهيم ناجي ومحمد حسين هيكل , ومحمد التابعي , وأنيس منصور , ونجيب سرور وغيرهم, والسبب في إبداع هؤلاء عكوفهم علي القراءة بفعل المكان العبقري من مساحات الخضرة التي تثير لواعج النفس وتفجر طاقات الحكي بأقلام هؤلاء , وكذلك الزمن الطويل مع كل ساعة تمر , فلا وسائل لشغل الفراغ سوي القراءة , بينما الأمر كان سيصبح مختلفا لو كان المبدع في المدينة فتشغله المقاه والمسرح والسينما , أعود للبريشي الذي غلبت علي سيرته الدعابة , فذكر أنه استمد ثقافته من جده لأمه الذي كان ناظرا لمرسة في المنصورة , فشعر بذاتية معينة تميزه عن أقرانه من خلال البيجامة والحقيبة الجلد وفذلكة طفولية تنبئ بأنه يحمل شيئا ما في أعماقه , وأكثر من ثمانية وعشرين قصة حب من طرفه هو معترفا بأنه كان هو المحب لكن للأسف لم تعشقه واحدة منهن , واعتقد أن هذه دعابة لأني أعلم أنه مجنون ليلي زوجته والتي تخيل نفسه قيسا حبيبها , وبالتأكيد هي أيضا أحبته بجنون وإلا لماذا تزوجته وهي ابنة ناطر المدرسة , كذلك تحدث عن رحلته مع الشعر وارتياده للندوات الأدبية وبدايته مع نادي أدب المنصورة و منتدي عروس النيل , وإثبات ذاته من خلال عمله في التربية والتعليم كموجه في المسرح, ثم انطلاق لرؤيه في تحديد جنسه الأدبي الذي عشقه وبالطبع نجح فيه .
استمرت السهرة ساعتان من المتعة والجمال شاركت فيها الشاعرة المتألقة تلميذتي فاتن شوقي بقصيدتها الجميلة (
البلطجي ), والتي حازت الإعجاب ثم توالت القصائد للشعراء فريد المصري , رشا الفوال , أحمد الحديدي واختتمتها الشاعرة فاطمة الزهراء بقصائد رومانسية حملت عنوان (العزف علي أوتار اللؤلؤ )
أدار الصالون المتميز الدكتور علي السيد , وحضره الكاتب محمد خليل , ومحمد الحنفي المشرف علي الصالون , وأسامة حمدي مدير قصر الثقافة
وتحية خاصة لابن بلدي الناقد اللامع ابراهيم حمزة الذي أفاض علي الصالون ألقا
...
0 التعليقات