ومع بداية عام دراسي جديد، يا دفتي الشراع (أسرة ومدرسة) هدفنا واحد وآمالنا مشتركة، وتطلعاتنا متوافقة، نتعاون من البداية، نساهم معاً في رسم صورة صحيحة وسليمة قدوة وعمل، خلق وسلوك، متابعة ورقابة، تعليم وتربية علم وعمل، فينشأ ناشؤنا على أسس سليمة وقواعد مثبتة تسعد بهم قلوبنا، وتفرح بهم أعيننا ونرهب بهم عدونا، وتعلو بهم قامتنا وتشتد بهم سواعدنا، وتقوى بهم ظهورنا، وتزهو بهم بلادنا، وترتفع بهم رايتنا.
ننظر في الغد إلى أبنائنا وطلابنا وطالباتنا أنهم الثروة الحقيقية لهذا المجتمع، اللبنة التي نضعها لنؤسس عليها جدران بلادنا، والقواعد التي نرفع عليها بنيان أوطاننا. مستقبل طلابنا وطالباتنا بين ذراعي «الأسرة والمدرسة» ويتداخل معهما عوامل الإعلام والمجتمع والأصحاب.. وغيرهم، إلا أن الركنين الرئيسيين هما المؤثران القويان في كل مراحل الأبناء فالأسرة بتوافقها الاجتماعي ورسوخ مبادئها وصحة عقيدتها، وحسن تربيتها، وجميل رعايتها ومتابعتها ورقابتها تنشئ فتياناً وفتيات لديهم القدرة على تلقي العلم والعمل به، وتزرع في نفوسهم الطموح، وتربي في طموحهم العلو، وتعلي في آمالهم اليقين بأن العلم سلاح المؤمن، ولا تكتفي -كما تفعل بعض الأسر- بأن تلقي بفلذات أكبادها، وبذور مستقبلها في وادٍ غير ذي ذرع، أعني لم تعتن في أي مدرسة ألقته، ولا عند من يرعى، ومع من يسير القطيع
.
الأسرة المسؤولة هي التي تنظر في المدرسة واختيارها والمعلم والمعلمة والإدارة والمتابعة والرصد والتوجيه والمناقشة، تنظر الواجبات وتتابعها، ترعي الصعب وتذلله، تراجع الحفظ وتؤكده، تناقش الفكر وتؤصله، تصحح المفاهيم الخاطئة وتصوبها، تشجع الأبناء وتذكيهم، وتعالج القصور وتنجيهم، تقسو عندما يكون ذلك لازما وترحم في كل الحالات كونها الحضن الودود، وتعاقب متى لزم العقاب بأساليب تربوية لا تتنافى مع شرع وشريعة، أسرة تقوم بواجبها تجاه أبنائها وتعمل بالأسباب لنهضة أمتها، أسرة لا ترغب في الاندثار ومحو الذات بالإهمال، أسرة عرفت حق الله في أولادها فقامت بواجباتها تجاه ربها وأولادها
.
أما المدرسة الركيزة والبيت الثاني للأبناء ففيها تغرس القيم، وتنبت المبادئ، وتكبر الأمال، وتعلو الهمم، فيها يُنشّئ على المثل، ويُتدّرب على القدوة، فإن غابت أو فسدت أو تهاونت فلن تجد صدراً يحنو، ولا قلباً يحمي ولا عيناً تدمع ولن تجد غير أعجاز نخل خاوية، ومتى قامت المدرسة بدورها وجدتها قد أشعلت النور، وأشعت الضياء، وأنارت طريق السعادة والرخاء، تملأ قلوب الأبناء بالحب والعلم والعمل، تثير الحوافز بين الطلاب، تشجع الموهوبين والمبدعين، وترعي مهارات المتميزين، وتأخذ في نفس الوقت بيد مَنْ تأخر عن ركب المتقدمين ليلحق بكواكب النور مع قرناء الفصل والصف فيتقارب المستوى وتعلو الهمة وتستيقظ العزيمة
.
0 التعليقات