محيط – رهام محمود
من لوحات المعرض |
"هذا المعرض هو نوع من تحدي الأزمة والوقوف أمام ظروف قدرية كان يمكن أن تكسر ظهر أي فنان، لكني لم أعتد الإنكسار" هذا بعض ما قاله الفنان والناقد عز الدين نجيب في افتتاح معرضه الجديد "عصفور النار" بعد فترة وجيزة من احتراق مرسمه بمحتوياته من لوحات وكتب ثمينة .
وفي معرضه الجديد بأتيلية القاهرة يقول نجيب : لا أمتلك شيئا سوى الفن، وهو أهم من الثروة والمنصب والنفوذ والحيثية، فالإبداع ثروة حقيقية لا تضيع، ورغم أن نصف إبداعي احترق ونجا النصف الآخر بأعجوبة ، فكان لابد أن أتكيء على المتبقي لأقف من جديد..
تركت ما احترق وراء ظهري، لكن كانت المشكلة أن الـ 25 لوحة الناجية ليست كافية لمعرض من قاعتين تم حجزهما، ولكني نبشت الرماد عند لوحاتي المتبقية وكتبي في المرسم المحترق، ووجدت مجموعة من الإسكتشات التي لم يلتهمها
يتابع الفنان حديثه لـ"محيط" : في الردهة بين القاعتين عرضت فيلما تسجيليا قام بتصويره مخرج موهوب هو حسن سعد لآثار الحريق التي تجاوز فيه معنى التسجيل المباشر إلى أن يكون رؤية تعبيرية عن الحدث، وكأنه عمل مفاهيمي يحدث صدمة عميقة للمشاهد ويخبره كيف خرج الفنان من الحريق ليواصل رحلة الإبداع والحياة، تماما مثل اللوحة التي وجدتها بين أكوام الرماد وفيها طائر مرسوم باللون الأحمر، وقد تمزق جناحاه وهو ينبثق من الرماد ويطير.
عزالدين نجيب |
فإذا بالزمن يعود بعد 34 عاما لينبعث الطائر مرة أخرى من الرماد مصمما على الحياة، تلك هي الرسالة التي حملها الفيلم القصير خلال سبع دقائق لا أكثر.
ويعد الكتالوج وصورة الطائر هي السبب في تغيير عنوان المعرض إلى "عصفور النار" بعد أن كان قبل نشوب الحريق "فانتازيا الحجر والبشر"، ففيه إلى جانب ذكرى معرض 1976، إشارة إلى أسطورة طائر الفنيق أو العنقاء، الذي يتجدد من الرماد بعد كل حريق.
حريق مرسم عز الدين نجيب |
وقد أسفر الحريق أيضا عن احتراق حوالي 45 لوحة زيتية من اأعمال القديمة للفنان، و15 لوحة من أعماله الجديدة.
بالإضافة إلى مخطوطات كثيرة منها أربعة كتب كانت تحت الطبع، ورواية أدبية بعنوان "نداء الواحة"، وعدد من الكراسات التي تحمل مذكرات الفنان عبر السنين، ورسوما بالفلومستر قام برسمها في سنوات السجن المختلفة بين عامي 1975 و1997، والتي كانت من معالم الحياة في الزنازين وأروقة السجون بين رفاقه من المسجونين السياسيين.
في المعرض نشاهد انتقال منابع الرؤية للفنان بين سيوة والواحات الداخلة والخارجة والأقصر وقرى محافظة قنا وبعض الرسوم من قرى أسوان حيث ظل لأكثر من ثلاثين عاما يقوم بزيارة تلك
وفي أعماله إيحاءات لفكرة البعث من الموت، هذا الخط الذي يعمل عليه الفنان منذ فترة طويلة. كما أنه يؤنسن الحجر ويحوله إلى حس آدمي، وفي الوقت نفسه حول الإنسان في بعض اللوحات إلى كتلة من الغرائز الوحشية في مقابل الحجر المتأنسن، وأحيانا يحول الإنسان إلى جماد أو طوطم أو تماثيل جامدة، محاولا استنهاضها وبعث الحياة فيها من جديد.
نرى في بعض اللوحات أبراج الحمام المهجورة بعد أن هرب منها الحمام خوفا من اجتياح القطط السمان. وفي لوحات أخرى نجد الإنسان يدور في طاحونة فارغة لا تطحن حبا ولا زيتونا، وإنما هي حجر يدور على كرس فارغ، فيها فتات تواجه العاصفة العاتية تذكرنا بتمثال الخماسين لمحمود مختار، وخلفها صخرة عاتية وكأنها تعوز بها إلى الخلف كما تفعل الريح.
اسكتش تبدو عليه آثار الحريق |
أما عن العمارة المستوحاة من المناطق الصحراوية المختلفة في اللوحات ليست إلا مسرحا تدور عليه رؤى ميتافيزيقية غامضة، تبحث عن خلاص للإنسان من قوى قاهرة تشده إلى الحضيض. وتعد كل هذه الأعمال التي تم عرضها إضافة واستمرار لرؤى أعمال الفنان في معارضه السابقة منذ الثمانينات.
من لوحات المعرض
0 التعليقات