نا يا سيدي الشعر لم أكن أدري بأنك بهذه الروعة وهذا الجمال حين غني الشاعر مختار عطية وهو أستاذي بكلية الآداب جامعة المنصورة وتجلي معه أستاذي أيضا أحمد سعفان وكأنه طار بأجنحة من خيال عبر الماضي البعيد فأيقظ الأموات وبعث فينا الحرارة في برودة طوبة التي كادت أن تجمد قلوبنا , فبعثها من جديد..
.مهمة صعبة أن تكتب عن شاعر لعبته الكلمات والألفاظ , لكنني سأكتب مهما كلفني الأمر من جهد , ولم لا والشاعر أستاذي برغم أنه يصغرني ببضعة أعوام , في البداية أشكر نادي أدب قصر ثقافة المنصورة برئاسة الشاعر علي عبد العزيز والذي أتاح لنا فرصة لقاء الشاعر الدكتور مختار عطية أستاذ الأدب في كلية الآداب جامعة المنصورة وديوانه الجميل رحيق الأربعين والذي أغراني بالولوج إليه حين قال...
ما عدت أحمل
غير قلب عاثر
متكسر
متناثر شاهت معالمه
وعمر يابس
هل الأربعين لها رحيق بعد هذه النظرة المتكسرة , العاثرة , المتكسرة , المتناثرة ؟ لست أدري
السؤال بتلقائية أكثر: هل من الممكن أن يقع الرجل بالحب ثانية، بعد سن الأربعين؟ وأقصد طبعا الرجال المتزوجين وأرباب الأسر، الذين جربوا أو لم يجربوا طعم الحب، في سنين مراهقتهم وشبابهم. إذ يبدو أن هذا الشخص، قد اكتسب خبرة عاطفية وحياتية أوسع، تؤهله للنظر إلى الأشياء من زاوية أعمق، يعيد من خلالها التفكير، بحيادية، مع نفسه ومتطلباته.
وإلا فماذا نسمي حالات الحب والهيام التي تنهمر أشعارا غير منظمة غالبا، وجملا ملغومة وأغاني "مفهومة"، ومقاطع منقولة يطلقها رجال متزوجون على صفحات التواصل الاجتماعي، متعللين بالرجوع إلى الذكريات، ومتمترسين خلف شعار "الافتراضية"، الذي قدمه عالم الفيسبوك هدية مجانية، لمن لا يجرؤ على قول الحقيقة!
أنا شخصيا لا أستطيع أن أخرج من دائرة الأسباب التاريخية،. لكنني متيقنة أن أسبابا أخرى، إلى جانب تلك، تقف وراء الموضوع. وإلا فبماذا نفسر السعادة والقوة والرغبة في الحياة، التي تظهر جليا على محيا العشاق المتجددين؟ والديوان شديد الرومانسية , تلك التي افتقدناها بفعل العولمة والنصوص المبهمة الغير مفهومة , فانصرف القارئ يبحث عن ذاته من خلال أشياء أخري سوي الشعر ..يقول مختار عطية في قصيدته عفوا سيدتي :
عفوا سيدتي
ماعاد المجنون الباكي
يترنح عبر الطرقات
يصرخ في شوق
في لهف
تتعالي منه الصرخات
ما عاد حبيبك مشتاقا
وهنا أتوقف عند هذه القصيدة وأسأل نفسي سؤالا ما هم الحب ؟
وكيف ترجمه شعراء الرومانسية , فالشعر الرومانسي كان أبرزَ الأنواع الأدبية وأشدّها اختلافاً عن مثيله في المذهب الكلاسيكي. وقد عرف الشعر الرومانسي على أيدي شعراء الرومانسية الكبار حياةً جديدةً قويةً بقيت ذات تأثير وجاذبيّة حتى القرن العشرين.
وقد تميزت هذه الحياة الشعرية بالعبقرية الفرديّة وإغراقها في التعبير عن العواطف الذاتية، والانسياق مع شطحات الخيال والحريّة في المضامين والأشكال، فالشعراء الرومانسيون عادوا إلى الشعر الغنائي الذي كان منتشراً من قبل في مختلف العصور، لأن الغنائية هي خصوصية من خصوصيات الشعر ولعلها تكون أهمّ مميزاته.
وجد الرومانسيون في النهج الغنائي أفضلَ ما يُناسِبُهُمْ، فالرومانسية الشعرية تختلف عن الشعر الغنائي، إنها تسير في دربه ولكنها تمتلك هويتها الخاصة، والرومانسية الشعرية أيضاً إحدى عطاءات الغنائيّة وأشكالها , والشاعر الجيد هو الذي يسرقك لعوالمه الخيالية التي تسافر عبر البحار والأنهار , وأعتقد أن أشعار العرب القدامي عاشت حتي يومنا هذا بقوتها لأنها تغنت بالحب والوفاء للحبيبة , وأعود إلي مختار عطية الذي ضحك علينا وأوهمنا أنه في الأربعين وهو في الحقيقة نقل لنا مشاعره منذ أكثر من خمسة عشرة عاما أويزيد , فلف بنا ودار في أزقة العشاق باحثا عن قلبه الذي أضاعته الحبيبة في أشواق لا تنتهيحين عذبه قلبه فخاطبه قائلا :
أما يكفيك يا قلبي عذابوينهاك أحتراق واغتصاب
نحن إلي لقاها كل يوم
تناسي أن تم هو السراب
أغاريد الصباح وملابس الشتاء الداكنة وتناشر الشعر الأبيض ووخفق القلوب ساعة غروب , والكاسات مترعة بالغموض , ثم التوقف فجأة عن الأحلام ..هذه هي هواجس رجل الأربعين حين صاغها مختار عطية ألحانا تسكر السامعين , فوصفها الدكتور سعفان بأنها مشاعر جعلت قلبنا تتاثر قطعا تحت أقدامنا .
لكن لماذا يخاف الرجل سن الأربعين ؟ والإجابة هو يعلمها أكثر, استمتعت بقراءة الديوان بمفردي فوجدته
يتفرد في
في التعبير عن العواطف الفردية والمشاعر العميقة التي تعتلج في أعماق النفس، والاستسلام إلى عالمها وتيارها المتدفق في منأى عن عالم الفكر والواقع.
كانت الليلة رائعة وأضاءها أساتذة اللغة في كلية الآداب جامعة المنصورة وأخص بالذكر الأستاذ الدكتور أحمد سعفان الذي حلل النص بطريقة الغوص اللغوي الذي يفهمه النحاةأدارت النوة الشاعرة رشا الفوال وحضرها كوكبة كبيرة من الأدباء والشعراء
0 التعليقات