عز الدين نجيب: "خبيئة الغوري" تذهب للمجهول بعلم الوزير
القاهرة : أكد الفنان والناقد التشكيلي عز الدين نجيب أن اللامبالاة من جانب المسئولين تسببت في اختفاء "خبيئة الغوري" وهي مجموعة نادرة من لوحات الخط العربي الأثرية بتوقيع أشهر فناني الخط المصريين والأتراك عبر التاريخ، كما أكد أن مقتنيات متحفية نادرة للحرف التقليدية اختفت هي الأخرى، بالرغم من القرارات الصادرة بإنشاء متحفين للوحات والمقتنيات لكل منهما على حدا. جامع السلطان الغورى في القاهرة
وعن المقتنيات والتي إخلاؤها من الغوري يقول نجيب لـ"محيط" : تضم المقتنيات لوحات خط عربي أثرية، اكتشفتها بنفسي في إحدى حجرات المبنى المغلقة عام 1993، وهي مجموعة من اللوحات المكتوبة بماء الذهب، والمزخرفة بالزخارف العربية بأقلام كبار الخطاطين الأتراك والمصريين، وبعضها يرجع إلى عام 1558، وعددها 83 لوحة موقعة بأسماء مبدعيها الذين حازوا شهرة تاريخية عالية.
وعن تفاصيل اختفاء اللوحات قال نجيب : عندما عينت في عام 1992 مديرا عاما لمراكز الحرف التقليدية، وكان مقر مكتبي بمبنى وكالة الغوري، بدأت الإعداد لإقامة معرض وورش عمل لاستئناف المشروع الذي كان قائما في نفس المبنى منذ الستينيات، ثم توقف لظروف الاهمال والانشغال بمشروعات أخرى بالوزارة.
وكنت أعلم بوجود مجموعة نادرة من منتجات الفنون التراثية بالمبنى، وقد تم جمعها في الخمسينيات وأوائل الستينيات من جميع أنحاء الجمهورية؛ لإقامة متحف للمأثورات الشعبية يمثل جميع أنماط الحياة والبيئات بأقاليم مصر، وتبين أن أغلبها كان مخزنا بإحدى الحجرات في ظروف غير آمنة، حتى أن بعضها كان قد تلف بعوامل الجو والحشرات والأتربة، وكان لابد من ترميمها وتنظيفها وتهيئتها لتعرض عرضا متحفيا بالدور الأرضي بالمبنى.
يواصل الناقد : أشرفت على تجهيز عشرين حجرة من "الأقبية التاريخية" لتناسب الطابع الأثري للمقتنيات، واستكملنا العرض المتحفي بإضافة النوافذ الزجاجية ووسائل الإضاءة المناسبة، وبالفعل كان لدينا بذلك نواة لمتحف قومي يمثل فنون الشعب منذ أوائل القرن العشرين من أزياء تراثية، مصاغ شعبي، منتجات نسجية وخشبية ونحاسية، منتجات من الخوص والجريد والزجاج، وعشرات الأنماط الفنية التي تمثل مختلف البيئات من الصحراء إلى الحضر إلى السواحل إلى النوبة. عز الدين نجيب
وفي عام 1994 قام الفنان فاروق حسني وزير الثقافة والفنان أحمد نوار رئيس المركز القومي للفنون التشكيلية آنذاك بافتتاح هذا العرض المتحفي في اطار المهرجان السنوي الذي تقيمه وكالة الغوري للحرف التقليدية.
بعدما تركت منصبي عام 2000 كرئيس للإدارة المركزية للحرف التقليدية، تولى من بعدي الفنان محسن شعلان الذي أمر بإخلاء مبنى وكالة الغوري من جميع أقسام الحرف التقليدية، وكذلك من مقتنيات متحف الحرف بالدور الأرضي، بحجة طلب هيئة الآثار البدء في ترميم المبنى.
وقال نجيب لـ"محيط" : ليس صحيحا أن وزير الثقافة لا يعلم بأمر خبيئة الغوري كما ذكر في تصريح رسمي لصحيفة "الجمهورية" بتاريخ 8 سبتمبر 2010، فلدي ما يثبت أنني عرضت على الوزير بخطاب رسمي مشروع إقامة متحف خاص لهذه المجموعة، خاصة وأنها قد تم تسجيلها كآثار متحفية بلجنة رسمية ترأسها مديرة متحف الفن الإسلامي عام 1993، وطلبت من الوزير تخصيص أحد البيوت الأثرية في المنطقة مثل بيت "الهراوي" أو بيت "زينب خاتون"، اللذان كان قد انتهى ترميمهما ولم يخصص لهما حينها نشاط لاستغلالهما، ولكن الأخير اعترض بحجة تخصيص هذه الأماكن لأنشطة أخرى دونما إشارة لمصير هذه اللوحات.
و أقمت معرضا لهذه المجموعة بمتحف الفن المصري الحديث بالأوبرا عام 1996 ، وفوجئت بتغيب كل من وزير الثقافة والدكتور احمد نوار عن افتتاحه رغم إبلاغهما بأنهما سيحضران ، وعادت اللوحات إلى مخزن أعددته بشكل مناسب للحفاظ عليها بمنى الوكالة مرة أخرى لحين التصرف فيها مستقبلا.شارع الغوري
ولكن أخبار هذه الخبيئة شدت انتباه المسئولين بجامعة الدول العربية والذين علموا بها عبر مركز التوثيق العربي هناك، وقاموا بإعادة فحصها وتقييمها وتصويرها واعتبروها تراثا عربيا نادرا، أضيفت صوره إلى وثائق الجامعة، كما عرض الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو رئيس منظمة إريسكا للفنون الإسلامية ومقرها اسطنبول – وهو حاليا رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي – أن تستضيف الحكومة التركية هذه المجموعة، عارضا التنسيق مع الحكومة المصرية لإقامة متحف بها في اسطنبول، أو التعاون مع الحكومة المصرية لإقامة المتحف في مصر؛ نظرا للمكانة التاريخية للخطاطين الأتراك الذين كتبوا نسبة غير قليلة من هذه اللوحات، لكن أوغلو لم يتلق أي رد حول اقتراحاته من وزارة الثقافة المصرية.
ثم يواصل الفنان: لوحات الخبيئة نقلت من وكالة الغوري مع أعمال متحف الحرف التقليدية بطريقة عشوائية؛ حيث جمعت في صناديق كرتونية دون توصيف دقيق لحالتها، ولا أعلم مصير المجموعتين المتحفيتين حتى الآن "الحرف واللوحات"، وسمعت أنها نقلت إلى أحد المخازن بمبنى تابع لقطاع الفنون التشكيلية بمدينة 15 مايو ما قد يعرضها للتلف في ظروف الرطوبة والحرارة والأتربة والحشرات، ومنذ عام 2000 انقطعت كل الأخبار عن هذه الكنوز التراثية.
0 التعليقات