قال عنه الصحفي الكبير سعيد اللاوندي..... ذكرني مصطفي السعدني بقولة أرسطو : من لم يكن مهندسا فلا يدخل علينا , لكنه مهندس احترف الثقافة، أو لعلها ـ هي ـ التي احترفته، فلا تجلس اليه في مرة من المرات إلا وتجد الأشعار تتساب علي لسانه كالماء، وهو قاريء جيد للتراث العربي والاسلامي، وتستوقفه محطات الاستنارة في هذا التراث منذ الامام محمد عبده والطهطاوي حتي اليوم، لذلك عندما اختار أن يتحدث عن أعلام النهضة العربية في الاذاعة المصرية لم يكن ذلك من فراغ.
وبالرجل ـ وهذا هو الأهم ـ ولع بمدينة المنصورة، وباقي عواصم اقليم الدلتا مثل الزقازيق، ودمياط، وكفر الشيخ، ويكاد يعرف الشعراء والمبدعين فيها بالاسم، ويحرص علي تنظيم مؤتمرات لأدباء الأقاليم وهي ـ في هذه الحالة ـ أشبه بالكشاف الأدبي الذي يسلط الأضواء علي الموهوبين من أبناء أرض الكنانة.
ومن الاشياء اللافتة للنظر عند مصطفي السعدني أنه يحفظ قائمة المبدعين من أبناء محافظة الدقهلية، ويطرب كثيرا عندما تتاح له الفرصة لكي يتكلم عن بعضهم، ومنهم من لم تتحقق لهم الشهرة الزائفة أمثال الشاعر الهمشري المولود في قرية نوسا البحر، أما كبارالشعراء أمثال علي محمود طه , فالسعدني يروي عنهم ملاحم شعرية وانسانية، وللانصاف يجب أن نذكر أن اقليم الدلتا بمحافظاته الأربع الدقهلية والشرقية، ودمياط ، وكفر الشيخ، لايكاد يمر اسبوع إلا وتشهد ربوعه تظاهره ثقافية يلتحم فيها المواطنون مع المبدعين دون فروق أو تمييز,وبقلمي أكمل..
ولكن تمر الأيام ويتبدل حالها قالوا ثورة للأصح , ولكنها ثورة جاءت بأنصاف الموهوبين ليتقلدوا المناصب التي تصنع الشعوب , فضعنا نبحث عن قائد وعن هوية, وفي اتحاد كتاب الدقهلية دعونا الشاعر الكبير الذي لم يهتز له جفن واحد من الأحداث , وقال في ثقة : لست أنا ممن يطوفون بالعتبات لكي أستجدي منصبي أثناء الثورة , كان من الممكن أن أقابل البلطجة بالبلطجة ولكني أكبر من ذلك , ورددت عليه : أنا مثلك حين قامت الثورة طردت من مكتبة مبارك , فقلت شكرا , ولم أمكث فيها ساعة ولم أدخلها مرة واحدة , فالمبدع الحقيقي قيمة في أي مكان يتواجد فيه , وحين يمكث بعيدا عن الظل فليتأكد الجميع بأنه سوف يبدع أكثر.
توسطنا السعدني وبدأ يقرأ في ديوانه الرائع ( النهر يفر من شاطئيه )..روعة في الأداء وتمكن من اللغة , كانت ليلة هبت عليها نسمات صيفية بديعة حكي فيها الشاعر كيف أنه كان ابن النظام الذي يشغل فيه موقعا شائكا , فما كان يطلب منه كان ينفذه بل ويبدع فيه برغم الجدل الكبير الذي دار حوله في تلك الفترة , حدثنا عن ليالي المحروسة ودورها الذي كان يجعل من المنصورة شهر زاد التي تحكي كل يوم حكاية , فتألقت المنصورة في عهده , وببراعة المسئول جعلنا نعود لعصر فات دون أن ندري .
0 التعليقات