هواية عندي القراءة ولعبة المذاكرة والامتحانات وبرغم أني عملت طوال عمري أمينة مكتبة من أول مكتبة مدرسة الزهايرة وحتي مكتبة مبارك وأمارس عملي بحب , ناهيك عن الندوات والصالونات الأدبية , اليوم الجمعة هو الأول لي في كلية الآداب ومعي رفيقا الكفاح االغاليين فرج مجاهد وفتحي البريشي , اشترينا الكشاكيل والأقلام , وأحلام ملونة تنام في صدورنا لعل وعسي ونحن نختار معا قسم اللغة العربية , مر اليوم هادئا بين محاضرة وأخري , ولازال النوم يداعب أجفان من وصل للخمسين , ويهاجمها بشراسة , المحاضرون جميعهم تربطني بهم صلات قوية فهم الآداب مجتمعة , ونحن الأدب منفردا , لي مع كل منهم وقفة , لكن وقفتي اليوم مع عاشق اللغة وبرنس المعاني الأستاذ الدكتور علي الغريب رئيس قسم اللغة العربية في كلية الآداب الذي لاحظ كم التعب الذي أعانيه من الجلوس طويلا في محاضرات اليوم , فراح يشاغبني لكي أستيقظ وأنتبه في المحاضرة ,سألت طالبة تجلس إلي جواري بعد أن أخبروني بأن الدكتور علي سيفرق بيني وبين زميلي فتحي وفرج , لأنه لا يحب أن يجلس فتي بجوار فتاة , ففرحت جدا وخفت علي نفسي من الفتيان , أخبرتني زميلتي بأن الدكتور علي سيدرس لنا ماة مهارات اللغة العربية , ففرحت لأني سوف أتتلمذ علي يديه , والحقيقة التي تيقنت منها أن هذا الرجل ليس أستاذا بقدر ما هو عاشق محب , يذوب عشقا في محبوبته , يغار عليها مس الهواء , يخاف عليها , والخوف من المحبوب داء..بدأ الدكتور علي في شرح قصيدة غزلية للشاعر النابغة الذبياني وهو أحد فحول الشعر في الجاهلية يقول مطلعها:
عوجوا ، فحيوا لنعمٍ دمنة َ الدارِ .
،ماذا تحيونَ من نؤيٍ وأحجارِ
وقفتُ فيها، سراة َ اليومِ، أسألُها
عن آلِ نُعْمٍ، أمُوناً، عبرَ أسفارِ
وما أن بدأ يتلو علي الغريب قصيدة الذبياني الذي بدأ قصيدته بالبكاء علي الأطلال حتي تلبسه شيطان لا أدري من هو؟ شئ عجب نسيت سنوات صبا ي المنصرمة واعتبرت نفسي نعم حبيبة الشاعر الذي سطا عليها الغريب سطوا مع سبق الإصرار والترصد , فقال وجال وصال بين مفاتنها وكم هي كلشمس , وكنت أعتقد أنها بيضاء , لكن اتضح أن سيرتها هي التي بيضاء ناصعة كالشمس , نسيت نومي ساعة القيلولة وشاي الخامسة المقدس , وقلت في سري والله لأتابع هذا الرجل الذي جمع بين الثقافة والتمثيل وخفة الظل , , لقد شرح لنا في يسر وبساطة من هي المرأة التي أحبها الشاعر بجنون ولم يعرف دون أن يدري أنه تحدث عن فتاة أحلامه هو التي ضاعت منه في زحمة الحياةوقف , ووقفت في خياله يتغزل في محاسنها بأسلوب ساخر غير مسبوق , باك..متألم , تستمع إليه وكأنك تلوذ بالفرارمن كل نساء العالم إلا نعم ولا أدري هل هي حبيبة النابغة أم حبيبة الغريب , الغريب في شرحه , لقد استضفت جميع الشعراء والكتاب و يبقي علي الغريب واحدا من أفضلهم, استولي الشاعر علي حواسي بإيعاز من هذا الرجل الذي تلبسه شيطان الحكي , وجعلنا ننظر إليه في انبهار واستوعبنا هذا النص الرائع للشاعر الجاهلي الكبير الذبياني, بكثير من الدعابة وحنكة المعلم الذي يضع مستمعيه في جيبه وأنا التي امتلأ جيبها بالشعراء , لقد سرقنا المعلم وما كان قد كان ولا حول ولا قوة إلا بالله ..هذا المعلم استلب العقول بفهمه لنفسية عاشق محب عاش من مئات السنين , لكن عاطفته لازلت متأججة وتؤججنا معه بكل مبررات الكون
المشاركات
0 التعليقات